ولاد زينب

دايما وهم مش شايفينه
– طب والعمل يا حاجة أنا مستعدة اكلم أهل الشارع واحد واحد وأوريهم روشته ابني وتاريخها دي لو حكمت أخدهم المستشفى يسألوا
– لا يا زينب دفاعك دلوقتي وكلامك يخليهم يمسكوا سيرتك وما يسبوها ابداً الأحسن إنك تكفى على الخبر ماجور وتسكتي وهم هيسكتوا وينسوا لوحدهم
اقتنعت زينب بكلام الحاجة فوزية وتعاملت بشكل طبيعي في أمور حياتها غير آبهة بما يقولون ، فهي تريد أن تربي أبنائها في سلام فقط.، وفي هذه الأثناء كان زملاء خالد اعتادوا كل فترة على أن يجمعوا المال من بعضهم ليساعدوا زينب بمبلغ يعينها على تربيه أبنائها وكانوا في كل مرة يتناوبون في الذهاب اليها يذهب لها أحد منهم زميلة أو زميل ، وفي هذه المرة جاء الدور على أستاذ احمد مدرس الرياضيات الذي تخطى عمره الاربعين ولم يتزوج بعد لأنه يرى أن الزواج معادلة معقدة بين طرفين ليس لها ناتج واحد بل عدة نتائج مختلفة حسب معطياتها هكذا كان يقول دائما عندما يسألونه عن الأمر وعلى إثر هذا فهو لا يهتم بمظهره كل ما يفعله هو العمل فقط حتى إنه يتشارك السكن مع بعض الرجال العزاب مثله في شقة مؤجرة يشتركون في أجرتها وهو كان من أصدقاء خالد المقربين، وكثيراً ما كان خالد يحكي عنه لزينب وعندما توفى خالد كان الأستاذ أحمد الأكثر حزناً عليه وظل وقت طويل حتى تعافى من حزنه على صديقه ، وذهب الاستاذ إلى زينب يطرق الباب وعندما رأته زينب رحبت به ودعته ليدخل فتأسف بأدب ولكنها أصرت على دخوله لتقديم واجب الضيافة له وقدمت دعاء الصغيرة التي كان يداعبها وهو يقف على الباب وأمسكت الصغيرة
– حضرتك ما شوفتش يونس قبل كدة يا أستاذ أحمد
أمسك الاستاذ منها يونس ونظر إلى وجهه مبتسماً
– ما شاء الله ده يشبه خالد أوي
وظل يداعبه فتركت يونس ودعاء معه وذهب لتعد له الشاي فوقعت عين الأستاذ أحمد على صورة خالد الكبيرة المعلقة على الحائط التي يبدو خالد فيها وكأنه ينظر إليه فرغرغت عيناه بالدموع وعندما أنتبه أن دعاء تنظر إليه بعينين يملأها البراءة وتشاور على صورة والدها وتقول له ده بابا قام بمسح دموعه وجذب دعاء إلى حضنه وقبل جبينها وقال لها في حزن
– الله يرحمه
دخلت زينب في يدها صينية بها كوب شاي مع بسكوت صنعته زينب من قبل ووضعتها على المنضدة أمام الأستاذ أحمد وعندما نظرت له وجدت على وجهه ابتسامه بسيطة يحاول أن يخفى بها حزنه
– شكراً يا مدام زينب مالوش لزوم التعب ده
– يا خبر يا أستاذ أحمد ده حضرتك في مقام عم الأولاد وأخ ليه والله تعب إيه بس ده اقل واجب
واختلطت جملتها الأخيرة مع صوت الباب الذي يطرق بشدة فتحت الباب بسرعة فوجدت أن الطارق هو أشرف الحلاق الذي لديه محل تحت بيتها ومعه صفاء زوجته التي ليست بأسم على مسمى ويعرف عنها إنها جر شكل مثل ما يقولون فوجئت بهما على الباب وقبل أن تنطق وجهت لهاء صفاء صفعة من الكلمات بصوتها العالي واسلوبها الفظ
– إنتي مين اللي عندك ده ومستغفله الحته كلها وقاعدين لوحدكم بقالكم ساعة لا مهو مش واحدة زيك اللي تيجي توسخ سمعة الشارع وتستغفل رجالته
وقعت هذه الكلمات على أذن الأستاذ أحمد كالصاعقة ووقف في مكانه مذهول ولم تكن زينب افضل حالًا منه فأنها لم تتوقع ابدًا ولا في اسوء كوابيسها ان تتعرض لموقف مثل هذا ابدًا وفجأة فقدت وعيها وسقطت على الأرض مغشيًا عليها من فرط الصدمة والقهر وفي هذا الحين كانت قد فتحت الحاجة فوزية باب شقتها على صوت صفاء ووجدت زينب ملقاة على الارض يحاول الأستاذ أن يسعفها وخرجت هدى من شقتها لتساعده وتجمع الجيران على سلم البيت ليروا ما يحدث وفي وسط هذا الموقف العشوائي المتشرذم وقفت الحاجة فوزية مقابل صفاء تنهرها بأعلى صوت لتسمع صوتها للناس جميعا مثل محامي في محكمة يدافع عن المتهم ليبرئ ساحته وينفي عنه الجريمة وقد كيّلت الحاجة الاتهامات لصفاء بأنها تعلم غيرتها من زينب بسبب أن زوجها أشرف يتابع زينب في الرايحة والجاية على حد قولها وإنها هي سبب الشائعات التي طالت سمعة زينب الفترة الماضية وانهت حديثها ناظرة للجميع موجهه كلامها لهم
– في إيه يا بشر خلاص بقت سيرة الولاية واتهامهم في عرضهم سهل كدة ، على فكرة كلكم عندكم ولايه خافوا عليهم من إنتقام ربنا وحاسبوا نفسكم قبل ما تحاسبوا الناس وفي الأخر ربنا هيحاسبكم
قالت كلامها هذا وحملت دعاء التي كانت تبكي من شدة الصياح والضجيج ودخلت الشقه عند زينب التي بدأت تستعيد وعيها واغلقت الباب في وجه صفاء وزوجها والناس المتواجدين حينها
– إيه يازينب عامله إيه يابنتي
ونظرت الى هدى
– أعملي لأختك زينب كوباية ميه بسكر بسرعة ياهدى وشوفي يونس اللي بيعيط ده ماله
ونظرت الى الأستاذ الذي لايزال يقف مدهوشًا من هوا ماحدث وقالت له
– إتفضل حضرتك أقعد
واضافت متسائلة
– معلش هو مين حضرتك.
جاوبها الأستاذ على الفور وهو يخرج منديل من جيبه ليجفف عرق وجهه
– أنا زميل خالد الله يرحمه
وأكمل في إرتباك قبل ان تسأله هي عن سبب الزيارة واخرج من جيبه الثاني ظرف به مبلغ من المال – كنت جيت عشان أوصل أمانة لمدام زينب بعتوها لها الزملاء في المدرسة معايا وأطمأن على الاولاد
ولأن زينب كانت قد ذكرت من قبل للحاجة عن أمر المال الذي يرسله زملاء خالد كل فترة لها فإبتسمت اللأستاذ برفق
– وماله يابني كتر خيرك أنت وزمايلك وماتأخذناش من اللي حصل ده اصل الناس بقت وحشه أوي احنا متأسفين
وضع الأستاذ أحمد الظرف الذي بيده على المنضدة التي لايزال عليها صينية الشاي والكوب الملآن
– لا يا حاجة متتأسفيش إنتي ذنبك إيه ربنا يهدي الحال ونظر إلى زينب بأشفاق
– مدام زينب استأذن أنا بس من فضلك حاولي تكوني على إتصال بالزملاء عشان نطمأن على الأولاد قالها وخرج دون أن تنطق زينب بكلمة نظرت الحاجة الى زينب وقالت لها
– زينب اتجوزي يابنتي
نظرت لها زينب نافيه للفكرة
– أتجوز إيه بس ياخالتي إيه الكلام اللي بتقوليه ده
تكلمت الحاجة بلهجة الأم الصارمة
– بصي يازينب الناس دي مش هتسيبك في حالك طول ما أنتي عايشه لوحدك كده، ست حلوه وصغيرة وأرملة ده كفايه أن الستات يغيروا منك ويشنعوا عليكي اسمعي كلامي طالما حطوكي في راسهم يا يطفشوكي من بيتك او يبهدلوا فيكي في الرايحة والجاية يعني عجبك اللي حصل النهاردة
و على الجانب الأخر فى اليوم التالى في المدرسة كان أستاذ احمد يجلس وحده مع أستاذ علي الذي يكبره فى السن فى حجرة المدرسين يحكي الأول للثاني عما حدث ليلة أمس وأستاذ علي يسمع باهتمام واستغراب على ما حدث ويعلق بهمهمة غير مفهومة مفادها إنه يسب فى سره هؤلاء الجيران الأشرار وأكمل أستاذ أحمد بعد سرده لما حدث
– بس تصدق يا علي أنا لولا إنى عارف إنك محترم وزي اخويا الكبير ما كونتش أبدًا قدرت أحكيلك على اللي حصل إمبارح ده رد على وهو لا يزل مستاء مما تعرضت له زينب
– أحمد عايز أسألك سؤال وتجاوبني عليه بصراحة
رد أحمد بأهتمام
– إتفضل
– انت يهمك أمر مدام زينب وأولادها
رد أحمد وهو لا يفهم مغزى السؤال – يهمنى ، أكيد طبعا دول عيلة خالد إللى كنت باعتبره أخويا مش بس صديقي زيك كده يا علي
أقترب منه علي وهو ينظر في عين أحمد وكانه يحاول التسلل إلى قلبه وعقله
– أحمد إنت لسة بتقول إنى أخوك وأنا عندي حل لمشكلة زينب تحب تسمعه
رد أحمد باهتمام
دايما وهم مش شايفينه – طب والعمل يا حاجة أنا مستعدة اكلم أهل الشارع واحد واحد وأوريهم روشته ابني وتاريخها دي لو حكمت أخدهم المستشفى يسألوا – لا يا زينب دفاعك دلوقتي وكلامك يخليهم يمسكوا سيرتك وما يسبوها ابداً الأحسن إنك تكفى على الخبر ماجور وتسكتي وهم هيسكتوا وينسوا لوحدهم اقتنعت زينب بكلام الحاجة فوزية وتعاملت بشكل طبيعي في أمور حياتها غير آبهة بما يقولون ، فهي تريد أن تربي أبنائها في سلام فقط.، وفي هذه الأثناء كان زملاء خالد اعتادوا كل فترة على أن يجمعوا المال من بعضهم ليساعدوا زينب بمبلغ يعينها على تربيه أبنائها وكانوا في كل مرة يتناوبون في الذهاب اليها يذهب لها أحد منهم زميلة أو زميل ، وفي هذه المرة جاء الدور على أستاذ احمد مدرس الرياضيات الذي تخطى عمره الاربعين ولم يتزوج بعد لأنه يرى أن الزواج معادلة معقدة بين طرفين ليس لها ناتج واحد بل عدة نتائج مختلفة حسب معطياتها هكذا كان يقول دائما عندما يسألونه عن الأمر وعلى إثر هذا فهو لا يهتم بمظهره كل ما يفعله هو العمل فقط حتى إنه يتشارك السكن مع بعض الرجال العزاب مثله في شقة مؤجرة يشتركون في أجرتها وهو كان من أصدقاء خالد المقربين، وكثيراً ما كان خالد يحكي عنه لزينب وعندما توفى خالد كان الأستاذ أحمد الأكثر حزناً عليه وظل وقت طويل حتى تعافى من حزنه على صديقه ، وذهب الاستاذ إلى زينب يطرق الباب وعندما رأته زينب رحبت به ودعته ليدخل فتأسف بأدب ولكنها أصرت على دخوله لتقديم واجب الضيافة له وقدمت دعاء الصغيرة التي كان يداعبها وهو يقف على الباب وأمسكت الصغيرة بيده وقالت له