ظل العاشق

اضافت بتوعد شرس أعجبه:
-صدقني، الفكرة دي مش هتختفي بسهولة.
ابتسم ابتسامة جانبية خالية من السخرية، جعلت نبضة تفلت من عقال نبضاتها مُسربلة بشعور غريب وكأن تلك الابتسامة ليست غريبة عليها.. وكأن قلبها يعرفها من مكانٍ ما!
ثم انتبهت له حين تلفظ بنبرة شقية:
-عارفة… كان ممكن نهرب من دا كله، بس واضح إنك مش قادرة تقاومي جاذبيتي.
ابتسمت بسخرية معقبة:
-جاذبيتك؟! أنت متأكد إننا بنتكلم عن نفس الشخص؟
أكد لها بنفس النبرة التي لاقت قبولًا تنكره بين جنبات قلبها:
-أيوة طبعًا، أنتي متوترة أوي، ودا معناه حاجة واحدة…
سألته بتحفز:
-إيه؟
مال يونس نحوها أكثر، وتابع بصوت منخفض عميق داعب دواخلها:
-إنك حاسة بحاجة، وبتحاولي تهربي منها.
إتسعت عيناها للحظة وكأنه امسك بأفكارها بالجرم المشهود، ثم استعادت سيطرتها مسرعة وهي ترفع حاجبيها بسخرية تجلت:
-كنت فاكراك ذكي، لكن واضح إنك بتتوهم حاجات مش موجودة.
-متأكدة؟ طيب لو كده، أنتي متوترة ليه؟
سألها بخبث وعيناه ترصدها، فشبكت ذراعيها معًا وهي تردد ببرود امتزج بالغضب المبطن:
-عشان واقفة قدام شخص متكبر وغريب الأطوار، ومطلوب مني اتجوزه مش عارفة ليه!
غمزها بمكر رجولي مردفًا:
-أنا هقولك ليه… لأنك اخترتي تكوني هنا.
نظرت إليه بعدم تصديق، هل هو جاد؟!
وغمغمت باندفاع:
-أنا مجبرة بسبب تهديداتك!
-اممم… لأ، أنتي كان عندك فرصة تهربي، بس أنتي هنا، واقفة قدامي ومحاولتيش اصلًا، وبتحاولي تقنعي نفسك بحاجة غير الحقيقة.
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تسأل نفسها المتخبطة ما بين الغضب وشيء غريب لا تعرف كنهه، هل هي كذلك؟ اللعنة لماذا يجعلها تشعر أنها مكشوفة هكذا؟!
قطع حديثهما مجيء المأذون الذي سألها بعد قليل:
-موافقة تتجوزيه يا عروسة؟
مالت نحوه هامسة بتهكم محاولة استفزازه كما يفعل معها دائمًا:
-إيه؟ خايف أقول لأ؟
رد مبتسمًا بثقة أغاظتها:
-أنا عارف إنك هتقولي آه.
رفعت حاجبها بتحدٍ، لكنه لم يمنحها وقتًا للرد، فقط
انتبهت للمأذون الذي كرر سؤاله، ولم يكن امامها مجال للتراجع فأعلنتها:
-موافقة.
اتسعت ابتسامة يونس قليلاً، ليست ابتسامة انتصار، بل ابتسامة رجل كان واثقًا مما سيحدث، وللحظة.. شعرت أنها قد تكون وقعت في فخ، لكن في الوقت نفسه لم تكن متأكدة إن كانت تود الهروب منه فعلًا.
*****
مرت ايام كانت هادئة على “ليلى” نوعًا ما، وهذا ما لم تكن تظنه ابدًا، فـ آدم لم يكن يضغط عليها او يتقرب منها رغمًا عنها على الاطلاق، بل ترك لها المساحة الكافية لتستوعب الحياة الجديدة التي زُجت بها فجأة عنوة، حتى أنه كان يقضي معظم الوقت خارج المنزل ولا يعود إلا وقت العشاء تقريبًا، وهذا منحها الكثير من الراحة النفسية رغم الفضول الذي كان ينهش احشائها نهشًا نحو ذلك الغامض.
وفي احد الايام حين كانت جالسة في غرفتها تتصفح هاتفها كعادتها ليلًا، سمعت صوت الباب يُطرق بعنف فنهضت مستسلمة لفضولها وفتحت باب غرفتها لتستمع لما يحدث، فسمعت صوت آدم الغاضب وهو يتحدث عبر الهاتف قائلًا:
-بقولك إيه، يا تقول اللي عندك يا تقفل السكة، انا مش هفضل اتكلم كتير على الفاضي.
ثم استمع للطرف الآخر الذي يبدو أنه قال شيء لم يعجبه حيث استرسل بخشونة حادة تعرفها جيدًا:
-آدم السيوفي مابيتهددش.
منح الطرف الآخر فرصة اخرى للحديث قبل أن يُنهي الاتصال بكلماته المقتضبة:
-خلاصة الكلام؛ طالما اتفقنا على شغل وخدت مقابله فـ خلاص اعتبر شغلك اتنفذ، انا بس في حاجات عطلتني منهم الحادثة اللي حصلتلي، انت اكيد عرفت بيها، الكلام انتهى.
ثم اغلق الهاتف دون أن ينتظر الرد من الجهة المقابلة، حينها ادركت دون عناء أنه يتحدث عن عمل مشبوه!
وهذا جعل الغضب يفور داخلها كالبركان؛ فهي لن تكون جزءًا من حياة مليئة بالشبهات والظلام، وإن كان والدها قد فعل ذلك مسبقًا فهي لم تكن تعرف، والجميع يعلم النتيجة التي آلت إليها الامور في النهاية!
لذا خرجت من غرفتها وجسدها كله يلتهب بالغضب، وتوجهت نحوه قائلة بصوت أجش:
-إيه اللي انا سمعته دا؟
سألها بشيء من نفاذ الصبر:
-سمعتي إيه؟
قالت بنفور وصله دون مواربة:
-سمعتك بتتفق على شغل شمال كالعادة.
ولكنه حاول التماسك امام استفزازها للوحش المهتاج اصلًا داخله ويبحث عن فريسة، تمنى ألا تكون هي:
-و…. ؟
فصاحت في وجهه بغيظ تعاظم:
-أنت إيه البرود دا؟ خلاص بقت حاجة مُسلم بيها في حياتك؟
حينها جذبها من ذراعها بعنف لتصطدم بصدره العضلي فارتجفت في توتر تلقائي، فيما اردف هو بلهجة غاضبة خشنة:
-قولتلك مليون مرة لمي لسانك وانتي بتتكلمي معايا، مش دايمًا همسك اعصابي واستحملك.
حررت نفسها بصعوبة من قبضته الغليظة التي تركت اثرًا على ذراعها حتمًا، ثم تشدقت منفعلة:
-وانا مش دايمًا هخضع ليك واسكت على القرف اللي بقيت عايشة فيه دا، طالما اجبرتني إني اكون جزء من حياتك يبقى انت كمان مُجبر تعمل اللي يناسبني في الحياة دي.
هز رأسه يسخر منها بحروف قاسية خدشت روحها:
-ماتحسسنيش إني خدعتك وكنتي مفكراني شيخ جامع، انتي عارفة كويس انا شغال في إيه من اول يوم شوفتيني فيه.
اومأت برأسها موافقة ثم راحت تخبره في مرارة:
-عارفة طبعًا، بس مش مضطرة أقبل بكدا.
ناطحها بالقول بقوة صلبة:
اضافت بتوعد شرس أعجبه: -صدقني، الفكرة دي مش هتختفي بسهولة. ابتسم ابتسامة جانبية خالية من السخرية، جعلت نبضة تفلت من عقال نبضاتها مُسربلة بشعور غريب وكأن تلك الابتسامة ليست غريبة عليها.. وكأن قلبها يعرفها من مكانٍ ما! ثم انتبهت له حين تلفظ بنبرة شقية: -عارفة… كان ممكن نهرب من دا كله، بس واضح إنك مش قادرة تقاومي جاذبيتي. ابتسمت بسخرية معقبة: -جاذبيتك؟! أنت متأكد إننا بنتكلم عن نفس الشخص؟ أكد لها بنفس النبرة التي لاقت قبولًا تنكره بين جنبات قلبها: -أيوة طبعًا، أنتي متوترة أوي، ودا معناه حاجة واحدة… سألته بتحفز: -إيه؟ مال يونس نحوها أكثر، وتابع بصوت منخفض عميق داعب دواخلها: -إنك حاسة بحاجة، وبتحاولي تهربي منها. إتسعت عيناها للحظة وكأنه امسك بأفكارها بالجرم المشهود، ثم استعادت سيطرتها مسرعة وهي ترفع حاجبيها بسخرية تجلت: -كنت فاكراك ذكي، لكن واضح إنك بتتوهم حاجات مش موجودة. -متأكدة؟ طيب لو كده، أنتي متوترة ليه؟ سألها بخبث وعيناه ترصدها، فشبكت ذراعيها معًا وهي تردد ببرود امتزج بالغضب المبطن: -عشان واقفة قدام شخص متكبر وغريب الأطوار، ومطلوب مني اتجوزه مش عارفة ليه! غمزها بمكر رجولي مردفًا: -أنا هقولك ليه… لأنك اخترتي تكوني هنا. نظرت إليه بعدم تصديق، هل هو جاد؟! وغمغمت باندفاع: -أنا مجبرة بسبب تهديداتك! -اممم… لأ، أنتي كان عندك فرصة تهربي، بس أنتي هنا، واقفة قدامي ومحاولتيش اصلًا، وبتحاولي تقنعي نفسك بحاجة غير الحقيقة. ابتلعت ريقها بتوتر وهي تسأل نفسها المتخبطة ما بين الغضب وشيء غريب لا تعرف كنهه، هل هي كذلك؟ اللعنة لماذا يجعلها تشعر أنها مكشوفة هكذا؟! قطع حديثهما مجيء المأذون الذي سألها بعد قليل: -موافقة تتجوزيه يا عروسة؟ مالت نحوه هامسة بتهكم محاولة استفزازه كما يفعل معها دائمًا: -إيه؟ خايف أقول لأ؟ رد مبتسمًا بثقة أغاظتها: -أنا عارف إنك هتقولي آه. رفعت حاجبها بتحدٍ، لكنه لم يمنحها وقتًا للرد، فقط