ظل العاشق

-لا مضطرة، وانتي مش هتتحكمي في حياتي، انا مش عيل صغير وعارف إيه الصح وإيه الغلط، سمعتي؟
فكانت ندًا له لا يُستهان به حيث تلفظت بحزم:
-سمعت، بس انت كمان اسمعني كويس، انا مش هستنى لما انت تتداين ولا تتقتل وحد يجي يقولي انتي هتدفعي الدية بداله!
تعالت أنفاسه التي نفثها في غضب اشعل ظلام حدقتيه، غضب ناري مستعر بالغيرة التي نهشت قلبه بمخالبها، فاقترب منها كثيرًا، هامسًا بشراسة تملكية متقدة بالعاطفة رغم الغضب الذي يحف بها:
-ماحدش يجرؤ يعمل معاكي كدا، لا في حياتي ولا بعد موتي، انتي ليا وهتفضلي طول عمرك ليا حتى لو مُت يا ليلى.
ذلك التملك والعاطفة، لامسا شيء داخلها.. فكا سلاسل شيء ظنت أنه سيظل حبيس بواطنها للابد، ولكنها تأبى ترجمة ما يحدث، فهزت رأسها تصطنع تهكم لم تمتلكه في تلك اللحظات:
-لا تصدق طمنتني!
ثم تنهدت بقوة قبل أن تضيف بعنفوان:
-آدم.. دي اول واخر مرة هتكلم معاك في حاجة زي كدا، اللي لازم تفهمه إني مستحيل افضل في حياتك وهي كدا.
فتح فمه ليتكلم فقاطعته بقولها العفوي:
-آدم السيوفي مابيتهددش، خلاص حفظتها.
رغم الجو المشحون إلا أنه ابتسم رغمًا عنه، ها هي حبيبته تحفظه سريعًا كما حفظته سابقًا، حتى وإن لم تكن تعرف بهويته الحقيقية، فقلبها يعرفه جيدًا..!
لامس وجنتها الناعمة بظهر يده في حنان هامسًا بحب:
-شاطرة يا سندريلا.
انتفضت مبتعدة عنه، ثم تحركت مغادرة نحو غرفتها وهي تغمغم في تبرم بدا له طفولي:
-بلا سندريلا بلا نيلة هو انت خليت فيها سندريلا، دا انت بتخليني اتحول واطلع اسوأ ما فيا، منك لله.
راقبها مبتسمًا.. مستمتعًا بمشاكستها رغم كل شيء، رغم العبء الثقيل الذي يأبى أن يتزحزح عن كاهله..
فـ في تلك المكالمة التي وصلته علم أنه بصفته
*****
في مساء اليوم التالي، كانت “ليلى” تجلس امام الشرفة يلفحها الهواء البارد لكنها لم تكن تهتم، منشغلة بالتفكير في كل الخيوط المتشابكة في حياتها..
سمعت خطوات يونس قبل أن تراه، كانت بطيئة لكن واثقة كعادته، لم تنظر إليه، رغم أنها شعرت بوجوده يقف بجانبها للحظات، قبل أن يجلس على المقعد بجوارها، تاركًا مسافة صغيرة بينهما.
ثم قطع الصمت بعبارته المرحة:
-هو الجو ساقعة كدا ولا أنا بس اللي حاسس إن في عاصفة قطبية بيني وبينك؟
لم ترد، فقط زفرت بحدة وأدارت وجهها للجانب الآخر، وكأنها لا تريد حتى الاعتراف بوجوده.
فـ ردد وهو يضع يده على صدره كأنه مصدوم:
-إيه دا؟! تجاهل رسمي؟ جديدة دي! يعني أنا حتى ماستحقش نظرة قرف ولا غمزة شريرة كدا ولا كدا؟
ما زالت صامتة، لكن زوايا شفتيها ارتجفت قليلًا، وكأنها تحاول منع نفسها من الابتسام رغم غضبها.
فمال نحوها هامسًا بمكر:
-على فكرة ممكن تبتسمي مش هاخد منك ضريبة ماتخافيش.
أصرت على تجاهله، فزفر بانزعاج مصطنع، ثم وقف فجأة أمامها، وضع يديه على خاصرته كأنه أب غاضب على طفل عنيد، ومن ثم راح يستطرد:
-هتفضلي كدا يعني؟ انا كدا بدأت أقلق خدي بالك.
نظر حوله، ثم فجأة انحنى والتقط وردة صغيرة من الزهور المزروعة، ثم عاد ليقف أمامها، انحنى قليلًا ليضعها خلف أذنها برقة، قبل أن يبتسم بعبث مواصلًا:
-يا سلام… الوردة زادت جمال لما اتحطت جمب القمر.
قطعت ليلى صمتها اخيرًا بقولها المتهكم:
-بتهزر؟ أنتوفاكر إن وردة هتحل المشكلة؟
وضع يونس يده على صدره بطريقة درامية طريفة مدعيًا الصدمة:
-ازاي الكلام دا؟ ! دا رضوى الشربيني والصحبة الكريمة مأكدينلي إن دا حل سحري.
رغم أنها أرادت البقاء غاضبة، إلا أن طريقته اللطيفة المداعبة جعلتها تتنهد وتحاول أن تبدو أكثر حزمًا في تحدثها:
-آدم، الموضوع مش هيتحل ومش هنكون مرتاحين مع بعض غير لما تغير طريقة حياتك دي.
كانت انظاره مُسلطة على قبضة يدها المنقبضة واظافرها التي تحتك بباطنها بقوة، حركة تفعلها دومًا حين تتوتر، لذا لم يفكر وأخذ يدها بعفوية بين أصابعه، ثم بدأ يدلك أناملها بحركات دائرية ناعمة، بنفس الطريقة التي كان يفعلها قديمًا حين تتوتر!
تجمدت ليلى وهي تنطر إلى يده فوق يدها، ثم عادت تنظر إليه، ثم إلى يده مجددًا.. لا… لا يمكن هذا!!
شعرت بقشعريرة تسري في عمودها الفقري، وقلبها بدأ ينبض بسرعة، شعور غريب اجتاحها، وكأنها عادت بالزمن للحظات معينة، لحظات لم تكن مع آدم… بل مع يونس!
سحبت يدها فجأة بملامح شاحبة وهي تسأله:
-أنت ليه عملت كده؟
حينها تذكر يونس وادرك ما تفكر به ولكنه لم يكن الوقت المناسب لتعلم كل شيء، لذا اصطنع عدم الفهم مرددًا:
-إيه؟ قصدك إيه؟
كانت عيناها تقطر شكًا وهي تتلفظ بـ :
-الطريقة اللي فكيت بيها إيدي، نفس الطريقة اللي….
توقفت، عقلها يعصف بها، هل يعقل أن يكون هذا مجرد صدفة؟ لا يمكن أن تكون الصدفة جريحة لهذه الدرجة؟! ولا يُعقل ايضًا ما تفكر به!
قاطع يونس شرودها محاولًا التشويش على تفكيرها:
-في إيه؟! دي مجرد حركة عادية، إيه المشكلة؟
بدت ليلى في عالم آخر وكأنها تحاول اقناع نفسها، بينما كان يونس يعلم أنه ارتكب خطأ فادح الآن، لكن لا يمكنه التراجع، عليه أن يتصرف وكأن الأمر لا يعني شيئًا، ولكن هذا لا يعني ألا يتقافز قلبه ابتهاجًا أنها لم تنساه، لا زالت تتذكره رغم مرور السنوات!
-لا مضطرة، وانتي مش هتتحكمي في حياتي، انا مش عيل صغير وعارف إيه الصح وإيه الغلط، سمعتي؟ فكانت ندًا له لا يُستهان به حيث تلفظت بحزم: -سمعت، بس انت كمان اسمعني كويس، انا مش هستنى لما انت تتداين ولا تتقتل وحد يجي يقولي انتي هتدفعي الدية بداله! تعالت أنفاسه التي نفثها في غضب اشعل ظلام حدقتيه، غضب ناري مستعر بالغيرة التي نهشت قلبه بمخالبها، فاقترب منها كثيرًا، هامسًا بشراسة تملكية متقدة بالعاطفة رغم الغضب الذي يحف بها: -ماحدش يجرؤ يعمل معاكي كدا، لا في حياتي ولا بعد موتي، انتي ليا وهتفضلي طول عمرك ليا حتى لو مُت يا ليلى. ذلك التملك والعاطفة، لامسا شيء داخلها.. فكا سلاسل شيء ظنت أنه سيظل حبيس بواطنها للابد، ولكنها تأبى ترجمة ما يحدث، فهزت رأسها تصطنع تهكم لم تمتلكه في تلك اللحظات: -لا تصدق طمنتني! ثم تنهدت بقوة قبل أن تضيف بعنفوان: -آدم.. دي اول واخر مرة هتكلم معاك في حاجة زي كدا، اللي لازم تفهمه إني مستحيل افضل في حياتك وهي كدا. فتح فمه ليتكلم فقاطعته بقولها العفوي: -آدم السيوفي مابيتهددش، خلاص حفظتها. رغم الجو المشحون إلا أنه ابتسم رغمًا عنه، ها هي حبيبته تحفظه سريعًا كما حفظته سابقًا، حتى وإن لم تكن تعرف بهويته الحقيقية، فقلبها يعرفه جيدًا..! لامس وجنتها الناعمة بظهر يده في حنان هامسًا بحب: -شاطرة يا سندريلا. انتفضت مبتعدة عنه، ثم تحركت مغادرة نحو غرفتها وهي تغمغم في تبرم بدا له طفولي: -بلا سندريلا بلا نيلة هو انت خليت فيها سندريلا، دا انت بتخليني اتحول واطلع اسوأ ما فيا، منك لله. راقبها مبتسمًا.. مستمتعًا بمشاكستها رغم كل شيء، رغم العبء الثقيل الذي يأبى أن يتزحزح عن كاهله.. فـ في تلك المكالمة التي وصلته علم أنه بصفته