عكس الإتجاه

_ لا جدع .. وصاحي .. انا أحب الناس اللى صاحية فى شغلها كده .. شكلك هتطول معانا
ابتسم لإشادة عبيد به رغم ان بداخله لم يكن يريد ان يكون عمله لمدة طويلة هو العمل كحارس أمن ليلى لكنه لم يكن ليقول ذلك لصاحب العمل .. لاحظ عبيد حالة الصداع الذى يعانى منها يونس فأعطاه قرص مسكن واخبره انه يخفف الألم .. وبالفعل بعد أن رحل عبيد بعدة دقائق .. عاد يونس الى مكانه المفضل فى الدور الثانى وجلس يراقب المنزل المقابل له .. كان الرجل الذى شاهده قبل وصول عبيد قد اختفى وبقت الزوجة وحدها .. مازالت حركتها قلقة وتوترها واضح بالنسبة له رغم بُعد المسافة بينه وبينها ..
فى اليوم التالى قرر الذهاب مرة أخرى لمدرسة عمرو ليراه ولكن فى تلك المرة كانت أمل قد أتت لاصطحابه .. بمجرد ان وجدها أمامه وهى تنظر له بغضب عرف انه ستعنفه .. وبالفعل كان حديتها كله ينصب على انه لا يجب ان يتواصل كثيراً مع ابنهما .. هتفت فيه بغضب
_ أنا مش عاوزاه يطلع زيك يا يونس
كانت جملة قاسية ولكنه كان يرى ان لها كل الحق ان تقولها فى وجهه فهو بالفعل كان شخصا متهور لم يحافظ على بيته وأسرته وكل ذلك من أجل صديق لم يهتم لأمره وتركه يواجه مصيره وهرب .. بإنكسار اعطاها بعض الحلوى التى كان قد اشتراها لابنه حتى يعطيها له ولكنها اخذتها منه والقتها بعيدا .. كانت ثائرة بشدة ولم يكن يريد أن يزيد من ثورتها عليه أكثر من ذلك
فى المساء عاد الى عمله .. لم يكن قد تناول شئ منذ الصباح فتناول بعض الطعام الذى اشتراه
ظل يونس طوال اليوم مستيقظا فى غرفته بعد أن نام طيلة الليل فى المبنى الذى يعمل به .. جلس يتابع الاخبار على هاتفه ولكنه فجأة توقف امام خبر يحمل صورة شخص يعرفه .. فقد كان على صفحة الاخبار خبر اختفاء الزوجة فى المنزل المقابل لمكان عمله .. لم تكن اسمها هيام كما كان يسميها ولكن كان اسمها غدير .. لم يحمل الخبر تفاصيل أكثر من عنوان اختفاءها وان زوجها هو من قام بالإبلاغ عن اختفاءها .. كان الامر مفزعا ليونس .. بقى طوال اليوم يفكر فى ما حدث لتلك الزوجة وما سبب اختفاءها .. لعبة الاستنتاجات بدأت تتلاعب بعقله من جديد .. ذهب فى تلك الليلة الى العمل مبكرا عن كل يوم وصعد الى مكانه فى الطابق الثانى ليراقب المنزل .. لمدة طويلة لم يرى اى احد فى المنزل وبعد فترة بدأ يرى الزوج يقترب من النافذة ويتوقف امامها .. للحظات شعر وكأن الزوج ينظر نحوه مباشرة مما جعله يفزع ويختبئ .. كان يشعر بشئ غريب فى نظرات الزوج تجاهه .. ظل مختبئاً وهو يتجنب الظهور حتى لا يراه الزوج حتى تأكد من الزوج نام واطفأ انوار منزله .. عاد بعدها الى مقعده وهو يفكر فى الزوجة التى اختفت .. تغريد التى عرف اسمها اخيرا وفى اليوم الذى عرف اسمها الحقيقى كانت قد اختفت ..
فى اليوم التالى بعد أن انهى عمله ذهب الى احد المطاعم ليتناول طعامه .. وضع له صاحب المطعم ( ساندوتشات ) الفول والطعمية التى طلبها .. تحسس جيبه ليتأكد ان دواء القولون مازال فى جيبه ثم هم ان يتناول طعامه ولكن قاطعه رنين هاتفه .. كانت أمل زوجته التى كانت تتكلم وهى خائفة وتطلب منه الحضور الى منزلها .. لم يفهم منها شئ ولكن نبرتها القلقة الخائفة جعلته يترك طعامه ويذهب الى منزلها = الذى كان منزله فى يوما ما – بأقصى سرعة .. فتحت له أمل الباب وهى تنظر له بغضب ولم تتكلم كثيرا بل طلبت منه الدخول لأن هناك من يريد مقابلته .. وفى داخل المنزل وجد الرائد عامر النواوي الذى يتولى التحقيق فى قضية اختفاء الزوجة فى المنزل المقابل لعمله .. عرفه عامر بنفسه وبطبيعة القضية التى يحقق فيها قبل أن يبادره بأن بعض الجيران شاهدوه بجانب منزل المرأة التى اختفت فى يوم اختفاءها .. حكى له يونس ما حدث معه فى ذلك اليوم وأنه كان قد غادر المستشفى لتوه والتعب الذى شعر به وقتها ولكنه تجاوز عن ذكر ذلك الشخص الذى اصطدم به يومها .. لم يكن يريد مزيد من الاسئلة اذا ذكر هذا لظابط الشرطة فقد كان كل ما يريده ان يثبت سبب وقوفه للحظات امام منزل الزوجة المختفية فقط .. انصرف عامر من المنزل بعد ان دون بيانات المستشفى التى ذكرها له يونس ولكن كان يبدو ليونس ان عامر يشتبه به .. عينيه كانت تمتلئ بتلك النظرات الموجهة للاتهام .. يجعل ما حدث أمل زوجته تحتد عليه وتطلب منه الا يكون سببا للمشاكل لها ولابنه من جديد .. حاول ان يشرح لها ان لا علاقة له بالأمر
_ صدقينى انا مليش دعوى بأى حاجة .. انا ملتزم بشغلى وبس
_ انا مش مهم عندى أى حاجة الا نفسية ابنى .. كان هيعجبك لو كان شاف البوليس وهو داخل يسأل على باباه
_ بس انا شاهد مش متهم
_ يبقى انت مشوفتش بصه ظابط المباحث ليك .. انت بالنسباله متهم .. حارس أمن ورد سجون .. مفيش متهم احسن من كده
خرج من منزل أمل وهو منكسر كعادته فى الفترة الاخيرة فلقب ( رد سجون ) اصبح شيء ملازم له ..
فى طريقه الى العمل صدمته سيارة تقودها فتاة عشرينية .. نزلت الفتاة سريعا من سيارتها تعتذر له وعرضت عليه توصيله الى مكان عمله كأعتذار له عن اصطدامها به .. حاول ان يشكرها وينصرف ولكنها اصرت .. فى الطريق وهو معها فى السيارة اخبرته ان اسمها شيماء وانها موظفة فى احد البنوك الكبرى .. كان يرد على كلامها الذى لم يسمع اكثر من نصفه بابتسامة مجاملة ليس أكثر .. وصلت به أمام المبنى الذى يعمل به ولكنه قبل ان ينزل من سيارتها نظر اليها بدهشة
_ انا مش فاكر ان انا قولتلك على مكان شغلى .. عرفتيه منين ؟
ابتسمت بهدوء
_ لا ازاى .. قولتلى اول ما ركبت العربية .. يمكن انت نسيت
شكرها ثم غادر سيارتها وهو يحاول التذكر .. قبل ان يسألها كان متأكد من انه لم يخبرها بمكان عمله ولكن عندما أكدت له انها اخبرها تشكك فى نفسه ولم يعد يعلم هل أخبرها ام لا .. لم يكن الأمر هاماً بالنسبة له لذلك تجاوزه وأكمل طريقه الى المبنى وجلس مع العمال ينتظر موعد استلام عمله ..
فى تلك الليلة حاول يونس جاهدا الا ينظر تجاه المنزل المقابل .. فعل كل شئ يشغله عن فعل ذلك ..وفى الصباح ذهب الى مطعم لكى يتناول افطاره .. بالصدفة تقابل مع شيماء التى كانت تتناول افطارها هى الاخرى .. دعته شيماء الى طاولتها وجلسا يتناولا افطارهما سويا ويتكلمان .. اخبرها عن زوجته السابقة وابنه ولكنه تجنب الحديث عن انه تم سجنه وكانت هى مستمعة جيدة ولم تطلب منه ان تعرف أكثر مما ذكره لها .. كان هذا غريبا بالنسبة له فهو يعرف النساء جيدا ويعرف مدى فضولهم ومحاولتهم تعرفه كل التفاصيل الحاصة بكل موضوع ولكن شيماء يبدو انها لم تكن
_ لا جدع .. وصاحي .. انا أحب الناس اللى صاحية فى شغلها كده .. شكلك هتطول معانا ابتسم لإشادة عبيد به رغم ان بداخله لم يكن يريد ان يكون عمله لمدة طويلة هو العمل كحارس أمن ليلى لكنه لم يكن ليقول ذلك لصاحب العمل .. لاحظ عبيد حالة الصداع الذى يعانى منها يونس فأعطاه قرص مسكن واخبره انه يخفف الألم .. وبالفعل بعد أن رحل عبيد بعدة دقائق .. عاد يونس الى مكانه المفضل فى الدور الثانى وجلس يراقب المنزل المقابل له .. كان الرجل الذى شاهده قبل وصول عبيد قد اختفى وبقت الزوجة وحدها .. مازالت حركتها قلقة وتوترها واضح بالنسبة له رغم بُعد المسافة بينه وبينها .. فى اليوم التالى قرر الذهاب مرة أخرى لمدرسة عمرو ليراه ولكن فى تلك المرة كانت أمل قد أتت لاصطحابه .. بمجرد ان وجدها أمامه وهى تنظر له بغضب عرف انه ستعنفه .. وبالفعل كان حديتها كله ينصب على انه لا يجب ان يتواصل كثيراً مع ابنهما .. هتفت فيه بغضب _ أنا مش عاوزاه يطلع زيك يا يونس كانت جملة قاسية ولكنه كان يرى ان لها كل الحق ان تقولها فى وجهه فهو بالفعل كان شخصا متهور لم يحافظ على بيته وأسرته وكل ذلك من أجل صديق لم يهتم لأمره وتركه يواجه مصيره وهرب .. بإنكسار اعطاها بعض الحلوى التى كان قد اشتراها لابنه حتى يعطيها له ولكنها اخذتها منه والقتها بعيدا .. كانت ثائرة بشدة ولم يكن يريد أن يزيد من ثورتها عليه أكثر من ذلك فى المساء عاد الى عمله .. لم يكن قد تناول شئ منذ الصباح فتناول بعض الطعام الذى اشتراه