محاكمة عَمَتِي

محاكمة عَمَتِي
محاكمة عَمَتِي

بعد قليل خرج الطبيب ليخبره بأن قلب عمته في حالة سيئة للغاية، وتحتاج رعاية خاصة بعيدًا عن الانفعالات والضغوط، أوصاه ببعض التعليمات لم ينتبه لحرف واحد منها، وطلب منه عدم تعريضها لأي ضغوط.

كان يشعر بالحيرة بعد سماع حديث الطبيب، هل يفرح لأنها لا تزال على قيد الحياة، أم يحزن لأنها ربما تنفذ تهديدها له بالتبرع بأمواله عقابًا له على ما تسبب به، فعاد لمهاتفة صديقه وأخبره بما قاله الطبيب فبدأ صديقه بتهنئته:

– ألف مبروك يا أحمد كده نقدر نقول مشكلتك انتهت مع العقربة عمتك.

– مش فاهم!

– عمتك قدامها أيام… قول شهور وخلاص تروح لحالها وتاخد انت فلوسك وفلوسها كمان، فمشي أمورك معاها وطلع لها طقم الحنية من الدولاب وتعالى على نفسك لغاية ما ده يتحقق.

فهم أحمد نظرية صديقه، فجلس بجوار عمته، يحاول أن يثبت لها ندمه على ما تسبب فيه، ممسكًا بيدها باكيًا:

– حقك على راسي يا حبيبتي، أنا كنت خايف تضيعي مني وتسيبيني، كنت هاعمل إيه من غيرك.

نظرت له بنظرة لوم لا تخلو من بعض الحنان وأجابت وهي تقاوم الألم:

– كنت هتاخد ورثك وترتاح مني، ترجع البيت متلاقيش عمتك، وتصحى من النوم متلاقنيش ولا تلاقي حد ياخد باله منك ولا يفرح معاك بجواز ولا خلفة، ولا يطبطب عليك لما تزعل… ده اللي انت عاوزه.

أغمض عينيه متخيلًا نعيم الحياة بدونها، حالمًا بكل لحظة خالية من وجود ناهد في حياته، لكنه تظاهر بعكس ذلك صرخ بها وانهمرت دموعه:

– متقوليش كده يا عمتي، أبوس إيدك إوعي تموتي، أنا هاموت وراكِ يا حبيبتي.

– بعد الشر عليك يا حبيبي، عيش يا أحمد واشتغل واتجوز وخلف وهات عيال كتير، ولو جبت بنت سميها ناهد.

ارتاح أحمد

كثيرًا لفكرة استقرار علاقته بعمته، ففي النهاية هي الآن على فراش الموت، وسيعود كل شيء لطبيعته، ويسترد منها ميراثه، لكن مرت الأيام والشهور وناهد تزداد صحة، كانت تستيقظ يوميًا في السادسة صباحًا، وتخرج لتتمشى قليلًا، ثم تعود للمنزل وتصنع الغذاء، وبعد المغرب تجلس بجوار النافذة لتدخين “النارجيلة” ونشر خيوط دخانها في الهواء، كما كانت تنشر خيوط أحلامه وتبددها، لم يتغير شيء في ناهد سوى أنها أصبحت تكره الليل وتخشى الظلام، فأصبحت تنام دون أن تطفيء إضاءة الغرفة، هذا كل ما تغير، كان يتعجب من قوة وقدرة هذه المرأة على الحياة، وكأنها لا تريد أن تفارقها إلا بعد أن تقضي عليه، ستموت بالتأكيد لكن ربما تفعل ذلك بعد موته، أو حتى في شيخوخته… متى ستموتين يا ناهد؟

شيئًا فشيئًا فقد الأمل في وفاة عمته، لكنه كان محافظًا على صورته الجيدة أمامها خوفًا من تنفيذ تهديدها، وكانت ناهد تشعر بالرضا نحوه، وتدعو له، كلما تراه يقضي وقتًا في دراسة مواده الجامعية، شعرت بالامتنان لمرضها الذي جعله يشعر بقيمتها في حياته، ويبذل جهدًا لإرضاءها في أن يصبح رجلًا يتحمل المسؤولية، إنها مسألة وقت قبل أن ترد إليه نصيبه من الميراث، وربما نصيبها أيضًا فهي لا تريد شيء من الحياة بعد الآن سوى أن تراه سعيدًا بعدما أصبح ذو مسؤولية، حتى تقابل شقيقها وتخبره أنها قد صانت الأمانة التي تركها لها، وربما تقابل ليلى أيضا وتشكرها على إنصلاح أحواله.

مر عام آخر وهو يشعر أن القدر يعانده، ناهد كما هي بأفضل حال، تهتم بمتابعة مرضها مع الطبيب، وهو لا زال تحت تصرف امراة عجوز مريضة تتحكم في حياته، لكنه على الأقل قد انتهى من دراسته بالجامعة والتحق بعمل كموظف في إحدى الشركات الخاصة، فأهدته عمته سيارة فارهة لا تتناسب مع راتب وظيفته، وعلى عكس أي توقعات لم يشعر أحمد بأي امتنان ناحية عمته، لكنه ازداد كراهية لها، يشعر بأنه يتسول من ماله، يعمل في وظيفة براتب زهيد رغم قدرته المالية على شراء الشركة التي يعمل بها ودفع رواتب موظفيها، يتحمل الإهانة من مديره، وهو يراه أقل منه في كل شيء، كل هذه المشكلات والعقبات بسبب ناهد التي بدلًا من إعطاؤه جميع حقوقه فقد أعطته مجرد سيارة، مضطرًا أن يظهر بالغ شكره للحصول عليها، ظل يفكر في طريقة تجعلها تسرع في تسليمه ميراثه، فلمعت في رأسه فكرة الزواج، لما لا يتزوج ويصبح زوجًا مسؤولًا، ورجلًا لديه أسرة، وفي هذه الحالة فهو من حقه أن ينفصل عن عمته ويبطل حجتها بأنها تحافظ على ماله وكل هذا الهراء، قرر الزواج من زميلة له في العملتدعى داليا، كانت فتاة عادية، لا يعرف عنها أي شيء سوى أنها عزباء، باقي التفاصيل لا تهم، إنها مجرد وسيلة سيتخلص منها فور حصوله على ماله، بدأ بالتقرب منها، والتودد لها فصدته في البداية، لطريقته السخيفة التي تنم عن شخص لا يحترم الفتاة التي أمامه، عاد معتذرًا لها بعد أيام، وأخبرها أنه يريد التقدم لها وخطبتها، ارتابت منه في البداية، لكنه كان يلح في طلبه، وتحدث تليفونيًا مع والدها لإثبات جديته، وأخذ في استعرض ثراؤه الفاحش أمام داليا ووالدها حتى وافقوا على الخطبة وطلبوا منه أن يأتي بكبير العائلة لإتمام الأمر، كانت سعادة ناهد لا توصف بعدما أخبرها برغبته في الزواج، وأخبرته أنها ستذهب معه لخطبة داليا التي كانت تنتظره بصحبة أهلها، ووصلت ناهد بصحبته لمنزلهم، وبدأت سعادتها تتلاشى وخفتت ابتسامتها، ونظرت لأحمد نظرة لوم على هذا الاختيار، فقد لاحظت من كلمات الأب طمعًا واضحًا بطلبات مبالغ فيها، وكأنهم وجدوا صيدًا ثمينًا وهذا لن تقبله بالطبع، فبدأت في إشهار أسلحتها للدفاع عنه، وأخبرتهم بشكل غير مباشر أن ابنتهم ستعيش فقط على راتب زوجها وراتبها، وأن أحمد ليس لديه ما يمكن تقديمه سوى جرامات قليلة من الذهب، وأنها هي الآمر الناهي في حياته وحياة من سيتزوجها، كان هذا كافيًا لإنهاء الموضوع قبل بدايته، وتم رفض الزيجة من قِبل الفتاة وأهلها وطرد أحمد وناهد أشر طردة من منزلهم، وأصبح متأكدًا أن ناهد هي اللعنة التي وضعها والده كعقبة في حياته، رفضت أمر زواجه وأحرجته أمام الناس، وهاهو ينتظر فضيحة مدوية من داليا بعدما تخبر كل من في العمل عما حدث، وعن الفتى الصغير الذي لا يملك لأمره شيء، وصدقت تنبؤاته، فلم تنتظر داليا حتى الصباح، فقد اتصل به أحد زملاؤه في العمل يستفسر عن سبب غضب زميلات العمل منه بسبب داليا، وأخبره أن أجرت اتصالاتها مع كل زميلاتها في العمل والتي كانت خطيبته من ضمنهن، وأخبرتهن بما حدث في منزلها، وأضافت من خيالها أيضًا، لتنتقم من أحمد، وتجعل صورته سيئة أمام الجميع، ويخسر احترامه، لذلك قرر ترك العمل وعدم الذهاب أو الرد على أي مكالمات من أي زميل له، مما جعل قلب ناهد ينفطر عليه ظنًا منها أنه كان عاشقًا لتلك الفتاة، وكانت تلوم نفسها في بعض الأحيان على رفضها للزيجة، لكنها تتراجع عن ذلك لأنها تعرف أن الأمر برمته مسألة وقت، وسيأتي اليوم الذي سيتفهم فيه أنها كانت ترى ما كان يخفى عليه.

استمرت حياة ناهد وأحمد بعد ذلك لمدة ثلاثة أشهر، كان صامتًا لا يتحدث معها أبدًا، ليس بسبب رفضها للفتاة، أو بسبب إهانته أمامها وهربه من المواجهة، ولا حتى بسبب طمعها في ميراثه، لكنه كان قد وصل لقمة كراهيته لها، لا يقدر حتى على مواجهتها، أو تملقها كما كان يفعل، أصبح مقتنعًا أن حياته يجب أن تكون خالية من وجود هذه الشيطانة التي تنكرت في صورة امرأة عجوز، وبدأ يفكر في كيفية التخلص منها، هو الآن بلا عمل ولديه من الفراغ ما يكفي للتفكير في طريقة تجعل ناهد تختفي من حياته للأبد، خطرت له فكرة السفر، يسافر ولا يعود سوى بعد وفاتها لاستلام ميراثه، لكنه عدل عن الفكرة بعدما تذكر تهديدها بالتبرع للمؤسسات الخيرية، اعتبر نفسه أسيرًا لها حتى يأتي القدر بكلمة أخرى.

ذات صباح طرق باب شقتهم “حسين” حارس العقار، يخبرهم أن هناك عطل كبير في الوصلات الكهربائية بالشارع ستؤدي لقطع الكهرباء عن العمارة وبعض العمارات المجاورة،

بعد قليل خرج الطبيب ليخبره بأن قلب عمته في حالة سيئة للغاية، وتحتاج رعاية خاصة بعيدًا عن الانفعالات والضغوط، أوصاه ببعض التعليمات لم ينتبه لحرف واحد منها، وطلب منه عدم تعريضها لأي ضغوط. كان يشعر بالحيرة بعد سماع حديث الطبيب، هل يفرح لأنها لا تزال على قيد الحياة، أم يحزن لأنها ربما تنفذ تهديدها له بالتبرع بأمواله عقابًا له على ما تسبب به، فعاد لمهاتفة صديقه وأخبره بما قاله الطبيب فبدأ صديقه بتهنئته: – ألف مبروك يا أحمد كده نقدر نقول مشكلتك انتهت مع العقربة عمتك. – مش فاهم! – عمتك قدامها أيام… قول شهور وخلاص تروح لحالها وتاخد انت فلوسك وفلوسها كمان، فمشي أمورك معاها وطلع لها طقم الحنية من الدولاب وتعالى على نفسك لغاية ما ده يتحقق. فهم أحمد نظرية صديقه، فجلس بجوار عمته، يحاول أن يثبت لها ندمه على ما تسبب فيه، ممسكًا بيدها باكيًا: – حقك على راسي يا حبيبتي، أنا كنت خايف تضيعي مني وتسيبيني، كنت هاعمل إيه من غيرك. نظرت له بنظرة لوم لا تخلو من بعض الحنان وأجابت وهي تقاوم الألم: – كنت هتاخد ورثك وترتاح مني، ترجع البيت متلاقيش عمتك، وتصحى من النوم متلاقنيش ولا تلاقي حد ياخد باله منك ولا يفرح معاك بجواز ولا خلفة، ولا يطبطب عليك لما تزعل… ده اللي انت عاوزه. أغمض عينيه متخيلًا نعيم الحياة بدونها، حالمًا بكل لحظة خالية من وجود ناهد في حياته، لكنه تظاهر بعكس ذلك صرخ بها وانهمرت دموعه: – متقوليش كده يا عمتي، أبوس إيدك إوعي تموتي، أنا هاموت وراكِ يا حبيبتي. – بعد الشر عليك يا حبيبي، عيش يا أحمد واشتغل واتجوز وخلف وهات عيال كتير، ولو جبت بنت سميها ناهد. ارتاح أحمد
كثيرًا لفكرة استقرار علاقته بعمته، ففي النهاية هي الآن على فراش الموت، وسيعود كل شيء لطبيعته، ويسترد منها ميراثه، لكن مرت الأيام والشهور وناهد تزداد صحة، كانت تستيقظ يوميًا في السادسة صباحًا، وتخرج لتتمشى قليلًا، ثم تعود للمنزل وتصنع الغذاء، وبعد المغرب تجلس بجوار النافذة لتدخين “النارجيلة” ونشر خيوط دخانها في الهواء، كما كانت تنشر خيوط أحلامه وتبددها، لم يتغير شيء في ناهد سوى أنها أصبحت تكره الليل وتخشى الظلام، فأصبحت تنام دون أن تطفيء إضاءة الغرفة، هذا كل ما تغير، كان يتعجب من قوة وقدرة هذه المرأة على الحياة، وكأنها لا تريد أن تفارقها إلا بعد أن تقضي عليه، ستموت بالتأكيد لكن ربما تفعل ذلك بعد موته، أو حتى في شيخوخته… متى ستموتين يا ناهد؟ شيئًا فشيئًا فقد الأمل في وفاة عمته، لكنه كان محافظًا على صورته الجيدة أمامها خوفًا من تنفيذ تهديدها، وكانت ناهد تشعر بالرضا نحوه، وتدعو له، كلما تراه يقضي وقتًا في دراسة مواده الجامعية، شعرت بالامتنان لمرضها الذي جعله يشعر بقيمتها في حياته، ويبذل جهدًا لإرضاءها في أن يصبح رجلًا يتحمل المسؤولية، إنها مسألة وقت قبل أن ترد إليه نصيبه من الميراث، وربما نصيبها أيضًا فهي لا تريد شيء من الحياة بعد الآن سوى أن تراه سعيدًا بعدما أصبح ذو مسؤولية، حتى تقابل شقيقها وتخبره أنها قد صانت الأمانة التي تركها لها، وربما تقابل ليلى أيضا وتشكرها على إنصلاح أحواله. مر عام آخر وهو يشعر أن القدر يعانده، ناهد كما هي بأفضل حال، تهتم بمتابعة مرضها مع الطبيب، وهو لا زال تحت تصرف امراة عجوز مريضة تتحكم في حياته، لكنه على الأقل قد انتهى من دراسته بالجامعة
والتحق بعمل كموظف في إحدى الشركات الخاصة، فأهدته عمته سيارة فارهة لا تتناسب مع راتب وظيفته، وعلى عكس أي توقعات لم يشعر أحمد بأي امتنان ناحية عمته، لكنه ازداد كراهية لها، يشعر بأنه يتسول من ماله، يعمل في وظيفة براتب زهيد رغم قدرته المالية على شراء الشركة التي يعمل بها ودفع رواتب موظفيها، يتحمل الإهانة من مديره، وهو يراه أقل منه في كل شيء، كل هذه المشكلات والعقبات بسبب ناهد التي بدلًا من إعطاؤه جميع حقوقه فقد أعطته مجرد سيارة، مضطرًا أن يظهر بالغ شكره للحصول عليها، ظل يفكر في طريقة تجعلها تسرع في تسليمه ميراثه، فلمعت في رأسه فكرة الزواج، لما لا يتزوج ويصبح زوجًا مسؤولًا، ورجلًا لديه أسرة، وفي هذه الحالة فهو من حقه أن ينفصل عن عمته ويبطل حجتها بأنها تحافظ على ماله وكل هذا الهراء، قرر الزواج من زميلة له في العملتدعى داليا، كانت فتاة عادية، لا يعرف عنها أي شيء سوى أنها عزباء، باقي التفاصيل لا تهم، إنها مجرد وسيلة سيتخلص منها فور حصوله على ماله، بدأ بالتقرب منها، والتودد لها فصدته في البداية، لطريقته السخيفة التي تنم عن شخص لا يحترم الفتاة التي أمامه، عاد معتذرًا لها بعد أيام، وأخبرها أنه يريد التقدم لها وخطبتها، ارتابت منه في البداية، لكنه كان يلح في طلبه، وتحدث تليفونيًا مع والدها لإثبات جديته، وأخذ في استعرض ثراؤه الفاحش أمام داليا ووالدها حتى وافقوا على الخطبة وطلبوا منه أن يأتي بكبير العائلة لإتمام الأمر، كانت سعادة ناهد لا توصف بعدما أخبرها برغبته في الزواج، وأخبرته أنها ستذهب معه لخطبة داليا التي كانت تنتظره بصحبة أهلها، ووصلت ناهد بصحبته لمنزلهم، وبدأت سعادتها تتلاشى وخفتت ابتسامتها، ونظرت لأحمد نظرة لوم على هذا الاختيار، فقد لاحظت من كلمات الأب طمعًا واضحًا بطلبات مبالغ فيها، وكأنهم وجدوا صيدًا ثمينًا وهذا لن تقبله بالطبع، فبدأت في إشهار أسلحتها للدفاع عنه، وأخبرتهم بشكل غير مباشر أن ابنتهم ستعيش فقط على راتب زوجها وراتبها، وأن أحمد ليس لديه ما يمكن تقديمه سوى جرامات قليلة من الذهب، وأنها هي الآمر الناهي في حياته وحياة من سيتزوجها، كان هذا كافيًا لإنهاء الموضوع قبل بدايته، وتم رفض الزيجة من قِبل الفتاة وأهلها وطرد أحمد وناهد أشر طردة من منزلهم، وأصبح متأكدًا أن ناهد هي اللعنة التي وضعها والده كعقبة في حياته، رفضت أمر زواجه وأحرجته أمام الناس، وهاهو ينتظر فضيحة مدوية من داليا بعدما تخبر كل من في العمل عما حدث، وعن الفتى الصغير الذي لا يملك لأمره شيء، وصدقت تنبؤاته، فلم تنتظر داليا حتى الصباح، فقد اتصل به أحد زملاؤه في العمل يستفسر عن سبب غضب زميلات العمل منه بسبب داليا، وأخبره أن أجرت اتصالاتها مع كل زميلاتها في العمل والتي كانت خطيبته من ضمنهن، وأخبرتهن بما حدث في منزلها، وأضافت من خيالها أيضًا، لتنتقم من أحمد، وتجعل صورته سيئة أمام الجميع، ويخسر احترامه، لذلك قرر ترك العمل وعدم الذهاب أو الرد على أي مكالمات من أي زميل له، مما جعل قلب ناهد ينفطر عليه ظنًا منها أنه كان عاشقًا لتلك الفتاة، وكانت تلوم نفسها في بعض الأحيان على رفضها للزيجة، لكنها تتراجع عن ذلك لأنها تعرف أن الأمر برمته مسألة وقت، وسيأتي اليوم الذي سيتفهم فيه أنها كانت ترى ما كان يخفى عليه. استمرت حياة ناهد وأحمد بعد ذلك لمدة ثلاثة أشهر، كان صامتًا لا يتحدث معها أبدًا، ليس بسبب رفضها للفتاة، أو بسبب إهانته أمامها وهربه من المواجهة، ولا حتى بسبب طمعها في ميراثه، لكنه كان قد وصل لقمة كراهيته لها، لا يقدر حتى على مواجهتها، أو تملقها كما كان يفعل، أصبح مقتنعًا أن حياته يجب أن تكون خالية من وجود هذه الشيطانة التي تنكرت في صورة امرأة عجوز، وبدأ يفكر في كيفية التخلص منها، هو الآن بلا عمل ولديه من الفراغ ما يكفي للتفكير في طريقة تجعل ناهد تختفي من حياته للأبد، خطرت له فكرة السفر، يسافر ولا يعود سوى بعد وفاتها لاستلام ميراثه، لكنه عدل عن الفكرة بعدما تذكر تهديدها بالتبرع للمؤسسات الخيرية، اعتبر نفسه أسيرًا لها حتى يأتي القدر بكلمة أخرى. ذات صباح طرق باب شقتهم “حسين” حارس العقار، يخبرهم أن هناك عطل كبير في الوصلات الكهربائية بالشارع ستؤدي لقطع الكهرباء عن العمارة وبعض العمارات المجاورة،
تم نسخ الرابط