ظل العاشق

-براحة يا مفترية دراعي حرام عليكي، هو كله ضرب ضرب مافيش شتيمة!
حينها انتبهت لذراعه المقطب، فبدأت تتفحصه بقلق استباح بندقيتاها وهي تسأله:
-مالك إيه اللي حصل لدراعك؟ انت كويس؟
قرر قطع انغماسها في هالة الخوف بقوله المرح متحاملًا على نفسه رغم شعوره بالألم:
-اصابة عمل بسيطة ياستي، ما تجبيلي بوق مايه خليني أخد المسكن بدل ما انتي واقفالي زي اسدين قصر النيل كدا؟
ركضت على الفور لتُحضر له المياه وحين عادت واعطته اياها كقطة وديعة قال مشاكسًا:
-لو اعرف إنك هتبقي مُطيعة كدا كنت خليت اي حد يقدملي خدمة ويديني رصاصتين على الماشي كدا.
صاحت فيه منزعجة بسبب وخز القلق المستمر لقلبها:
-انت بتهزر يا آدم؟
تمدد يونس على الاريكة ببطء وبدأ يسترخي تلقائيًا او ربما يفقد الوعي بسبب شعوره المستمر بالألم.. لا يدري، ولكن اخر ما قاله بخفوت:
-ماتقوليش آدم.
تخصرت وهي تتشدق بعناد:
-ليه بقى ان شاء الله؟ المفروض اقول أبيه آدم ولا إيه؟
صدرت عنه غمغمة بدت لها هذيان شقي حتى وهو في اسوأ احواله:
-اغار عليكي من فم المتكلم ونطق اسمه و….
فهمست لنفسها ضاحكة:
-لا دا انت طلعت مهووس كبير ووقعت ولا حد سمى عليك.
ظلت منتظرة جواره لعدة ساعات لم تحسبها؛ بسبب مراقبتها المستمرة لآدم بقلق غلب عليه شغف لم تظن أنها ستنخرط في عجلته يومًا ما وخاصةً مع ذلك الآدم!
اهتمت به كثيرًا وقامت بإعداد غذاء له، وحين كانت تحاول ايقاظه انتبهت لورقة يحتفظ بها في جيب الچاكيت الذي كان يرتديه، اخذتها وفتحتها بفضول فكانت الصدمة من نصيبها حين وجدتها صورة من بطاقة شخصية، ولكنها لم تكن اي بطاقة بل كانت بطاقة “يونس”…
الحبيب الاول الذي لم تستطع حتى اكتشاف حبه النابت في قلبها إلا بعد فراقه!
هزت رأسها نافية بعدم تصديق
-طب ازاي؟ ازاي! لا مستحيل.
بدأت دموعها تتساقط تلقائيًا وهي تتخيل أنه يونس، يونس قد عاد لها ولقلبها الذي ارهقه انين اشتياقه له!
عزمت على فهم كل شيء فبدأت تهز جسد آدم المسجي امامها وهي تقول بجمود:
-قوم، قوم فهمني، قوم يا آدم ولا يونس ولا ايًا كان اسمك، قوم فهمني.
بدأ يونس يستعيد وعيه تدريجيًا ليستوعب حالة ليلى التي اتضح له سببها ما أن وضعت الورقة امام عيناه متساءلة بحروفٍ مرتعشة كحالها كله:
-إيه دا؟ بطاقة مين دي؟
ابتلع ريقه متنهدًا بقوة، مدركًا أن لحظة المواجهة قد حانت أخيرًا..
ثم نطق مجيبًا بهدوء يُحسد عليه:
-بطاقتي أنا.
-أنت مين!
سألته بنغمة تخبطت ما بين الصدمة والتمني، فلامست امنيتها ارض الواقع حين اكد لها صوته الرخيم الدافئ:
-انا يونس يا ليلى، يونس اللي مانساكيش ولا يوم.
بدأت تدلك رأسها التي شعرتها ستنفجر من المفاجآت المتتالية التي اصطدمت بها مؤخرًا، وراحت تغمغم دون استيعاب:
-يونس! طب ازاي؟ وليه؟
امسك يداها معًا ثم طبع قبلة عميقة حانية على باطن يدها وهو يسترسل مهدئًا اياها:
-هفهمك كل حاجة بس اهدي الاول يا حبيبتي.
صرخت فيه بنفاذ صبر:
-اهدى إيه فهمني انا هتجنن!
بدأ يونس يسرد لها الاحداث المتعاقبة التي بدأت منذ فترة في حياته:
-كنت شغال دكتور شرعي في بلدنا زي ما انتي عارفة بعد ما اتخرجنا من الجامعة سوا، وكنت شغال على قضية عرفت انها ممكن تدين ناس تقيلة شغالين شغل مش تمام، بس انا ماهتمتش بكدا وكملت شغلي عادي، لكن هما بدأوا يهددوني إني ازور تقريري لصالحهم ولما رفضت قرروا ينتقموا مني فـ دبرولي قضية ماتخرش المايه وماقدرتش اثبت براءتي واتحكم عليا بمؤبد، بعدها هربت من السجن صدفة بمساعدة آدم الحقيقي، اللي كان واضح انه عايز ينتقم منهم لانهم اتسببوا له في اذى، مالحقتش اعرف تفاصيل لاني بمجرد ما هربت معاه في العربية وكنا بنتكلم والبوليس بيجري ورانا، هما ضربوا على العربية نار عشان يخلصوا مني وعملنا حادثة مميتة مات فيها آدم وانا اتسببتلي في تشوهات وحروق في وشي كان لازم اعمل عملية تجميل، فقررت إني استفاد عشان اقدر اعيش حياتي وانتقم منهم، وعملت العملية وغيرت ملامحي لملامح آدم، وكدا قدام كل الناس يونس هو اللي مات في الحادثة وكدا كدا العربية اتفحمت تماما وبقت مجرد رماد يعني مفيش دليل إن اللي عايش يونس مش آدم، وبعدها عرفت من مساعد آدم بالصدفة إنه كان له عداوة مع ابوكي ومشاكل، وعرفت إن ابوكي ناوي يجوزك لواحد كبير عشان يقف جمبه ضد آدم لانه قلقان منه، فـ عشان كدا عملت اللعبة دي وكأني واخدك عناد فيه بس الحقيقة اني اتجوزتك عشان انا بحبك، بحبك من ايام ما كنا بندرس سوا في الجامعة وعمري ما اتجرأت اعترفلك بـ دا لحد ما الايام والظروف فرقت ما بينا، بس قلبي عمره ما حب غيرك لحظة واحدة.
كانت دموعها تنهمر بلا توقف وهي غارقة كليًا في مشاعر شتى، ما بين السعادة المطلقة والحزن لما أصابه والغضب لتلاعبه بها…
والاخير هو مَن حظي باهتمام لسانها ليعبر عنه فأردفت بعتاب:
-وازاي ماتقوليش من اول ما اتجوزنا؟ ليه تكدب عليا كل دا؟
بدأ يمسح دموعها بأصابعه برقة متناهية مرددًا بحنان امطر حروفه التي شعرت بها كالبسلم يلطف جروحها واحدة تلو الاخرى:
-كنت خايف عليكي يا حبيبتي، انتي الحاجة الوحيدة المهمة في حياتي والامل الاخير اللي لو كنت خسرته كنت هنهار تمامًا، كنت مستني كل حاجة تنتهي عشان اقدر اصارحك بكل حاجة.
-وانتهت؟
سألته بتوجس بنبرتها المختنقة فأكد لها:
-براحة يا مفترية دراعي حرام عليكي، هو كله ضرب ضرب مافيش شتيمة! حينها انتبهت لذراعه المقطب، فبدأت تتفحصه بقلق استباح بندقيتاها وهي تسأله: -مالك إيه اللي حصل لدراعك؟ انت كويس؟ قرر قطع انغماسها في هالة الخوف بقوله المرح متحاملًا على نفسه رغم شعوره بالألم: -اصابة عمل بسيطة ياستي، ما تجبيلي بوق مايه خليني أخد المسكن بدل ما انتي واقفالي زي اسدين قصر النيل كدا؟ ركضت على الفور لتُحضر له المياه وحين عادت واعطته اياها كقطة وديعة قال مشاكسًا: -لو اعرف إنك هتبقي مُطيعة كدا كنت خليت اي حد يقدملي خدمة ويديني رصاصتين على الماشي كدا. صاحت فيه منزعجة بسبب وخز القلق المستمر لقلبها: -انت بتهزر يا آدم؟ تمدد يونس على الاريكة ببطء وبدأ يسترخي تلقائيًا او ربما يفقد الوعي بسبب شعوره المستمر بالألم.. لا يدري، ولكن اخر ما قاله بخفوت: -ماتقوليش آدم. تخصرت وهي تتشدق بعناد: -ليه بقى ان شاء الله؟ المفروض اقول أبيه آدم ولا إيه؟ صدرت عنه غمغمة بدت لها هذيان شقي حتى وهو في اسوأ احواله: -اغار عليكي من فم المتكلم ونطق اسمه و…. فهمست لنفسها ضاحكة: -لا دا انت طلعت مهووس كبير ووقعت ولا حد سمى عليك. ظلت منتظرة جواره لعدة ساعات لم تحسبها؛ بسبب مراقبتها المستمرة لآدم بقلق غلب عليه شغف لم تظن أنها ستنخرط في عجلته يومًا ما وخاصةً مع ذلك الآدم! اهتمت به كثيرًا وقامت بإعداد غذاء له، وحين كانت تحاول ايقاظه انتبهت لورقة يحتفظ بها في جيب الچاكيت الذي كان يرتديه، اخذتها وفتحتها بفضول فكانت الصدمة من نصيبها حين وجدتها صورة من بطاقة شخصية، ولكنها لم تكن اي بطاقة بل كانت بطاقة “يونس”… الحبيب الاول الذي لم تستطع حتى اكتشاف حبه النابت في قلبها إلا بعد فراقه! هزت رأسها نافية بعدم تصديق