كان لك معايا – الجزء الأول
شريفة (بتلاعب):
- علشان مصلحتك يا حبيبي. أنا سحبتلك كل ملفات الشركة المالية، والتعاقدات، والتوريدات. انت لازم تبقى فاهم كل حاجة كويس جدًا، علشان محدش يلعب بينا. ولا إيه يا مومو؟
محسن (في حزم):
- مش احنا اتفقنا إنك متعمليش حاجة من غير ما ترجعيلي؟ انتي بقيتي بتتصرفي تصرفات هتخليني أزعل منك. وأنا لو زعلت منك، انتي عارفة إيه اللي هيحصلك؟
شريفة (بتحدي):
- ده تهديد يا محسن؟
محسن (بثقة):
- آه، تهديد يا شريفة. واضح إني أديتلك صلاحيات أكتر ما تستحقي. الفلاشة تكون عندي النهاردة، ولو عرفت إن في أي نسخة تانية برة، عقابي هيكون شديد.
شريفة (بتذلل):
- ماشي يا محسن، حاضر. هتجيلي تاخدها، ولا ابقى أجيبها لك معايا؟ أصلاً بصراحة أنا النهاردة فاضية ومعنديش حد. فبراحتك يعني.
محسن (في ضعف):
- هنبقى نشوف الموضوع ده بليل.
(يرن هاتفه.)
محسن:
- ده يوسف. استنى. الو، أيوة يا يوسف. لا، تمام يا حبيبي، الشغل ماشي زي الفل. لا، أبدًا، دي كانت مشكلة كدة في الأجهزة وحلَّيناها. لا يا حبيبي، هعرف أكيد مين اللي عمل كدة، وهيتعاقب أكيد. المهم، طمني عليك. طيب، خد بالك من نفسك.
(يغلق الهاتف ويتحدث إلى شريفة.)
محسن:
- الزفت ده كلمه وبلغه باللي حصل.
شريفة (في لا مبالاة):
- ما يبلغه محدش ماسك علينا حاجة. واللي يعرف يثبت، يثبت.
محسن:
- طيب، يالا انتي روحي على شغلك. طولتي قوي هنا، وأنا مش عايز الموظفين ياخدوا بالهم من حاجة. هبقى أكلمك بليل زي ما اتفقنا.
جنازة سيدة
يجتمع مجموعة كبيرة من الأشخاص، يحملون جثمان “سيدة” ويتجهون ناحية المقابر. “وحيد” بين الجموع متخفيًا، يرتدي نظارة سوداء وقبعة تخفي ملامحه. يقف الجمع أمام المقبرة، ويقومون بإدخال الجثمان. يقف وحيدًا متوارياً عن الأنظار، يبكي بحرقة. لا يستطيع تصديق أنه فعل ذلك بأمه. ضميره يأنبه، وهو لا يستطيع حتى أن ينزل معها في
يفكر أن يقترب أكثر، ولكنه يشاهد بعضًا من رجال الشرطة بالقرب من المقبرة. يغلقون المقبرة، ويقف الشيخ ليقرأ بعض الآيات. بدأ الناس بالمغادرة شيئًا فشيئًا، حتى خلا المكان. وتأكد وحيد أنه لا يوجد أحد من رجال الشرطة.
ذهب إلى مقبرة أمه بخطوات ثقيلة، وكأن كل خطوة تذكره بذنبه. جلس على ركبتيه، وبدأ يقرأ الفاتحة بصوت خافت، وكأنه يخشى أن يسمعه أحد. ثم بدأ يتحدث إليها، وصوته يرتجف من شدة البكاء:
وحيد (نادمًا):
- سامحيني يا أمي، والله مقصدتش أعمل فيكي كدة. أنا بس كنت محتاج الفلوس. الله يلعن أبو الفلوس اللي خلتيني أعمل فيكي كدة. مبقاش ليا حد بعدك.أنا عارف إني تعبتك، وعارف إني مش الابن اللي كنتي بتتمنيه. بس قوليلي كنت أعمل إيه؟ أنا من ساعة ما أبويا مات وأنا لوحدي، مليش حد. وأنتي طول الوقت برة في شغلك. عارف إنك كنتي بتشتغلي علشان نعرف نعيش، بس أنا محدش رباني. محدش قاللي الصح من الغلط.حتى أنتي سبتيني أعمل فيكي كل حاجة غلط من غير ما تعتبيني. عمرك في مرة ما ضربتيني ولا قولتيلي ميصحش كدة. خدت إني أطلب وإني تقولي حاضر. أنا مش بجيب الذنب عليكي، علشان الوقت فات. أنا بس طالب منك تسامحيني. أنا مستعد للعقاب يا أمي، بس تسامحيني. وحياة غلاوتي عندك، تسامحيني.
منزل مي
يقف يوسف أمام باب منزل مي، يبدو عليه التردد. ثم يتخذ القرار ويضغط على زر الجرس. تقوم والدتها بفتح باب المنزل، تقف أمامه متسائلة. يبادر يوسف بالحديث:
يوسف:
- مش ده منزل الآنسة مي؟
والدة مي:
- أيوة يا ابني، خير.
يوسف:
- أنا يوسف، صاحب الشركة اللي مي بتشتغل فيها.
والدة مي (ترحب به):
- آه، أهلاً وسهلاً بحضرتك. اتفضل.
يوسف:
- هي موجودة؟
والدة مي:
- أيوة يا ابني، اتفضل. ثواني هندهالك. اعذرني، البيت مكركب شوية ، من إمبارح مخرجتش من أوضتها.
يوسف:
- ولا يهمك حضرتك. بس هي كويسة؟
والدة مي:
- أيوة يا ابني، تمام. اتفضل ثواني وهجبهالك.
(تذهب الأم في اتجاه غرفة مي، ويجلس يوسف على الأريكة. يشاهد تفاصيل المنزل،المنزل كان مليئًا برائحة البخور الخفيفة، وكأنه يعكس هدوءًا داخليًا. الألوان الدافئة على الجدران والأثاث الخشبي القديم أعطت إحساسًا بالدفء والراحة.” يدرك أنها تعيش بمفردها مع والدتها. البيت لا يخلو من بعض التفاصيل الصغيرة، لكنها مريحة. الجدران معلق عليها صور قديمة لرجل، يدرك أنه والدها، وبعض الصور الأخرى للعائلة معًا. لكنه يركز مع صورة لمي معلقة، يظل ينظر إليها حتى إنه أطال النظر، ولم يقطعه إلا صوت الأم وهي تحدثه.)
والدة مي:
- الصورة دي كانت لما كانت لسة في الجامعة.
يوسف (مرتبكًا):
- آه، جميلة. ربنا يخليها ليكي.
والدة مي:
- تحب تشرب إيه يا ابني؟ ولا أقولك تتغدى معانا النهاردة؟ أنا بطبخ كويس جدًا، ومتأكدة إن الأكل هيعجبك.
يوسف:
- لا يا فندم، أنا مش عايز أتعب حضرتك. أنا جاي عايز الآنسة مي في كلمتين وأمشي على طول.
والدة مي:
- تعب إيه يا ابني؟ وبعدين أنا مش هعمل حاجة مخصوص. أنا كدة كدة بعمل الأكل. بص، هجبلك كوباية شاي لحد ما تخلصوا كلام. هي ثواني وطالعة.
(تنهض الأم من مكانها، وتتجه إلى المطبخ. وتأتي مي، يشاهدها وهي ترتدي ترنجًا منزليًا محتشماً. لكنه شعر أنه يشاهد زوجته وهي قادمة إليه. حاول أن يتمالك أعصابه وهي قادمة باتجاهه، وتقدم يديها إليه.)
مي:
- إزيك يا مستر يوسف؟ أخبار حضرتك إيه؟ مكنتش متوقعة إن حضرتك تجيلي البيت. أصلاً حضرتك عرفت عنوان البيت منين؟
يوسف (مرتبكًا):
- أكيد، يعني من أوراق تعيينك في الشركة. اتصلت بيهم واخدت العنوان. حبيت أطمن عليكي بعد اللي حصل. كان يوم متعب.
مي:
- الصراحة أيوة. ماما قالتلي إن حضرتك محتاج تتكلم معايا.
يوسف:
- بصي، أنا مش هطول عليكي. النهاردة حصل حاجة غريبة في الشركة.
مي (تنتبه إليه):
- خير، حصل إيه؟
