كان لك معايا – الجزء الأول

كان لك معايا – الجزء الأول
كان لك معايا – الجزء الأول

 

  • أكيد.
  • عارفة إنك شبه الهانم الله يرحمها.

مى باستغراب:

  • أنا؟

يقطع حديثهم صوت خطوات يوسف وهو ينزل السلم.

  • استأذنك أنا.

تذهب سيدة مسرعة في اتجاه المطبخ.

يتجه يوسف مباشرة نحو مي وعلى وجهه علامات الجمود، وفي أثناء قدومه تنظر إليه مي نظرة مطولة. فهو وسيم، يبدو عليه الشباب، يحمل في عينيه الكثير من الحزن، لكنه يحاول أن يكون صامدًا أمام الآخرين. وفي تلك الأثناء، كان يوسف أيضًا يقوم بالنظر إليها، لكن عندما اقترب منها أكثر واكتشف أنها بها شبه بسيط من زوجته، حاول أن يتمالك نفسه. تقدم إليها وقدم يديه ليسلم عليها. تنهض وتمد يديها.

يوسف: أخبارك إيه؟ اتأخرت عليكي؟
مي: الحمد لله، لا يا فندم ولا اتأخرت ولا حاجة.
يوسف: واقفة ليه؟ اتفضلي.

مي (وهي تجلس): شكرًا لحضرتك. دي الأوراق اللي باعتها مستر محسن.

يجلس هو أيضًا ويأخذ منها الأوراق وينظر إليها.
يوسف: واضح إنك شخصية مميزة. محسن مش من النوع اللي بيثق بسهولة، خصوصًا في أوراق مهمة زي دي. شغالة معانا بقالك قد إيه؟
مي: أربع شهور يا فندم.

يختلس النظر إليها، ويحاول أن يمنع عينيه من ذلك، ولكن شيئًا بداخله يمنعه.
يوسف: تبقى فعلًا شاطرة. محسن دايمًا بيعرف يختار الناس اللي بتشتغل معاه، وعلشان كده أنا كمان بثق فيه.
مي: دي شهادة أعتز بيها جدًا، وأتمنى أكون قد الثقة.

الجريمة

في تلك الأثناء، كانت سيدة في المطبخ تجلس مع ابنها “وحيد”، شاب في منتصف العشرينات، غير مهندم، يتحدث بلسان ثقيل والسواد يملأ تحت عينيه. يبدو عليه العنف. يجلس ممسكًا بتفاحة وسكين، يقطعها ويأكلها. تحاول سيدة أن تتحدث إليه في هدوء.

سيدة: انت إيه اللي جابك هنا يا وحيد؟ مش أنا قولتلك متجليش هنا يا ابني؟
وحيد: طيب أروح لمين غيرك؟ إنتي

أمي ومليش حد غيرك.
سيدة: تستنانى لما أرجع البيت. ده مكان أكل عيش يا ابني. أنا مش عارفة إنت دخلت إزاي.
وحيد: هو أنا هعجز يعني يا أما؟ يلا بقى انجزى وهاتي فلوس.
سيدة: يا ابني وأنا أجبلك منين؟ منتا مشطب عليا أول بأول.
وحيد (بحدة): معناته إيه الكلام ده؟ يعني إيه مشطب عليكي؟
سيدة: انزل يا ابني شوفلك شغلانة ولا اعمل أي حاجة بدل ما إنت عواطلي كده. اللي في سنك فاتحين بيوت.
وحيد (بغضب): هو أنا يعني كنت لقيت شغل ومشتغلتش؟ بقولك إيه والنبي يا أما متضيعش الاصطباحة. عايزة تفهميني إنك عايشة في النغنغة دي كلها، وأصحاب الهلومة دي مش بيراضوكي بحاجة؟
سيدة: يا ابني أنا مع الناس دي بقالى سنين، باخد مرتبي وحقى وزيادة. يلا يا وحيد ربنا يهديك. خد بعضك يا ابني وامشي، ولما أرجع هحاول أتصرف.
وحيد: لا دلوقتي يعني دلوقتي. (ينتبه إلى الإسورة في يدها). أقولك على حاجة؟ هاتي حتة الصيغة دي. هبيعها وهاخد فلوسها أدورها واشتغل بيهم.
سيدة: يا ابني دي آخر حاجة معايا. دي ستراني كل السنين دي. لما أموت مش هتلاقي حاجة غيرها تكفنني بيها.
وحيد (بسخرية): بلاش الكلام ده يا أما. مش ناقص وجع دماغ. خلي اللي يكفنك حد تاني. أنا عايز فلوس دلوقتي.

(يمد يديه ويمسك يد أمه محاولًا أخذ الإسورة بالقوة، لكنها تقاومه بشدة. تحاول ألا تخرج صوتًا، حتى لا ينتبه يوسف لها. لكن مع الشد والجذب، يغيب وحيد ولا يدرك ما يفعله، ثم يندفع بجنون ويطعن السكين في يدها. ينقطع وريدها فتسقط. يأخذ وحيد الإسورة، وينظر إليها بلا مبالاة.)

وحيد: ما كان من الأول بقى بدل الفرهدة دي. ابقى خليهم يودوكي المستشفى بقى.

(يخرج مسرعًا. تسقط سيدة على الأرض، فترتطم رأسها بحافة البوتاجاز، فتبدأ تنزف حتى الموت.)

في تلك الأثناء، كان يوسف ينظر إلى الأوراق حتى يسمع صوت ارتطام. ينتبه، ويقوم مسرعًا هو ومي متجهين نحو المطبخ. يقف يوسف للحظة عند الباب، وكأن قلبه يحذره مما سيراه. يدخل ليرى سيدة ممدة على الأرض، والدماء تحيط بها. يقف مذهولًا للحظات، بينما تقف مي خلفه، يدها تغطي فمها وعيناها تدمعان من هول المشهد.

يمسك يوسف هاتفه محاولًا الاتصال بالشرطة. يده ترتعش وهو يتحدث:

  • ألو… لو سمحت، حصلت جريمة قتل في الفيلا.

التحقيق

يجلس يوسف على الأريكة وعلى وجهه آثار الصدمة، يحاول التماسك، وبجانبه تجلس مي منهارة، ويجلس محسن بجانبها محاولًا تهدئتها. أفراد الشرطة ينتشرون في المكان، ورجال البحث الجنائي يخرجون من اتجاه المطبخ باتجاه يوسف. يأتي الضابط إليه ويتحدث إلى يوسف ومي:

الضابط: كان في حد غيركم أثناء وقوع الحادث أو أي شهود غيركم؟
يوسف: لا يا فندم، إحنا كنا هنا في الصالة، بمضي أوراق للشركة.
الضابط (موجهًا حديثه لمي): وبعدين؟
مي: ولا حاجة يا فندم، سمعنا صوت خبطة من المطبخ، قمنا بسرعة ودخلنا لقينا المنظر ده، واتصلنا بالشرطة على طول.
الضابط: أكيد في كاميرات في الفيلا، ولا إيه يا أستاذ يوسف؟
محسن (مقاطعًا): أكيد يا فندم، وحضرتك ممكن تطلع عليها، موجودة في مكتب يوسف. (ينهض) اتفضل معايا.

يتجه محسن والضابط إلى غرفة المكتب، بينما يجلس يوسف في حالة ذهول، ولا يستطيع منع دموعه حزنًا على سيدة. تحاول مي التخفيف عليه:

  • أنا عارفة إنها عزيزة على حضرتك، بس العياط مش هيرجعها. خفف على نفسك علشان تعرف تكمل اليوم ده لحد ما البوليس يعرف مين عمل كده وناخدلها حقها.

يوسف (ينظر إليها بعصبية): لا مش عارفة! إنتِ مش متخيلة أنا إحساسي إيه دلوقتي. آخر حاجة كانت باقيالي، الوحيدة اللي كانت مستحملاني الفترة اللي فاتت كلها. هي أصلًا اللي مربِّياني. دي غلاوتها من غلاوة أمي. هو أنا ليه بيحصل لي كده يا رب؟

مي (تمسك يديه في هدوء وتشد عليها بعطف): قضاء ربنا بيكون لطف بينا. ده ميعادها، وكلنا هنموت.
يوسف (ينظر إلى يديها ويسحب يديه): أرجوكي وفري كلام الإنشاء ده. أنا محتاج حد يواسيني.
مي (تشعر بالإحراج وتسحب يديها): حاضر. (تبتعد قليلًا وتعتدل في جلستها).

في تلك الأثناء، يجلس الضابط أمام شاشة الكاميرا ويقوم باسترجاعها، ليجد شخصًا يقفز من أعلى السور من ناحية باب المطبخ الخلفي. يوجه حديثه لمحسن:

  • تعرف الشخص ده يا أستاذ محسن؟
    محسن: بيتهيألي شوفته قبل كده، بس مش متذكر هو مين. أعتقد يوسف ممكن يعرفه.

الضابط يوجه حديثه إلى أحد العساكر:

  • انده على أستاذ يوسف من برة. (لمحسن) أعتقد إن ده حل اللغز. ده تقريبًا نفس التوقيت اللي اتصل فيه يوسف بينا، وكمان لما تقرب الصورة شوية هتلاحظ إن فيه آثار دم على إيده وبنطلونه.
    محسن: مظبوط سعادتك.

يدخل يوسف إلى المكتب مسرعًا ثم يتجه نحو الشاشة ويتحدث إليه الضابط:

  • تعرف الشخص ده يا أستاذ يوسف؟
    يوسف (ينظر بدقة ليرد في ذهول): أيوة يا فندم، ده وحيد ابنها.
    محسن (يرد في صدمة): ابنها؟
    يوسف: هو كان بيتردد عليك كتير، أو على المرحومة؟
    محسن: آه، ساعات كتير كانت بتحكي لي إنه بيجيلها، وكان دايمًا عامل مشاكل معاها علشان الفلوس.
    الضابط: تقدر تدينا عنوان ليه أو أي حاجة تقدر توصلنا ليه؟
    يوسف: لا للأسف يا فندم. كل اللي أعرفه عن سيدة إنها عايشة في شبرا، لكن فين بالتحديد مش عارف يا فندم. (وكأنه تذكر شيئًا) ثواني يا فندم، أنا فاكر إنها كانت إدَّت لي ورق علشان أخلص لها حاجة في المعاشات لما زوجها توفى. أعتقد إن المحامي بتاعي معاه نسخة من بطاقتها وأكيد فيها العنوان.
    الضابط: ده شيء كويس جدًا وهيسهَّل علينا كتير. أنا للأسف لازم أتحفظ على الهارد ده. طبعًا حضرتك لازم تيجي القسم علشان نقفل المحضر ده، وعلشان نبدأ في اتخاذ الإجراءات القانونية في ضبط وإحضار المتهم.
    يوسف: من الصبح يا فندم هنكون عند حضرتك بدري. أعتقد نسيب يوسف والآنسة مي يرتاحوا. اليوم كان صعب عليهم.
    الضابط: مفيش مشكلة. (يوجه حديثه لأحد رجاله) اتحفظ يا ابني على الهارد، واتأكد إن رجال البحث الجنائي خلصوا شغلهم.

يخرج الضابط ومعه العساكر، يتجه محسن إلى يوسف الذي يقف شارد الزهن محاولًا تهدئته:

  • حاول تريح يا يوسف، قدامك بكرة يوم طويل تاني.
    يوسف: أريح إزاي يا محسن؟ أنا شكلي مش مكتوب لي راحة. يقتلها ليه الكلب ده؟ وهي ليه ما قالتش إنها محتاجة فلوس؟ عمرها ما كنت هتأخر عنها.
    محسن: سيدة طول عمرها نفسها عزيزة عليها وأنت عارف. عمرها يا يوسف… عمرها.

الهروب

منزل صديق وحيد – سطح المنزل

يجلس وحيد على ركنة بالأرض، وأمامه شيشة وبعض الأطباق بها مسليات. يشعل سيجارة ويخرج دخانًا كثيفًا من فمه. بجانبه يجلس صديقه “محمود” ممسكًا بالشيشة.

محمود (بقلق): بس ما قولتليش يا أبو الصحاب، جبت الفلوس دي منين؟
وحيد (في لا مبالاة): يا أسطى ميخصكش، هو بص ولا بحلقة.
محمود: خلاص يا عم متزقش، بس لو كانت مصلحة مخدتش أخوك معاك ليه؟ ده إحنا على الحلوة والمرة يا أبو الصحاب.
وحيد (بانتباه): منتا لو عرفت اللي أنا عملته مش هتقول كده.
محمود (منتبهًا): عملت إيه؟ أوعى ياض تكون عامل مصيبة وجاي تستخبى عندي! أنا مش ناقص، الدنيا ملبشة خلقة.
وحيد (متعصبًا): ولا متفوقناش بقى، خليك في حالك. (ينظر إلى الشيشة) شد، واكتم.
محمود: وماله مش عيب.

يدخل عليهم طفل صغير مسرعًا وهو ينهج من الجري.

  أكيد. عارفة إنك شبه الهانم الله يرحمها. مى باستغراب: أنا؟ يقطع حديثهم صوت خطوات يوسف وهو ينزل السلم. استأذنك أنا. تذهب سيدة مسرعة في اتجاه المطبخ. يتجه يوسف مباشرة نحو مي وعلى وجهه علامات الجمود، وفي أثناء قدومه تنظر إليه مي نظرة مطولة. فهو وسيم، يبدو عليه الشباب، يحمل في عينيه الكثير من الحزن، لكنه يحاول أن يكون صامدًا أمام الآخرين. وفي تلك الأثناء، كان يوسف أيضًا يقوم بالنظر إليها، لكن عندما اقترب منها أكثر واكتشف أنها بها شبه بسيط من زوجته، حاول أن يتمالك نفسه. تقدم إليها وقدم يديه ليسلم عليها. تنهض وتمد يديها. يوسف: أخبارك إيه؟ اتأخرت عليكي؟ مي: الحمد لله، لا يا فندم ولا اتأخرت ولا حاجة. يوسف: واقفة ليه؟ اتفضلي. مي (وهي تجلس): شكرًا لحضرتك. دي الأوراق اللي باعتها مستر محسن. يجلس هو أيضًا ويأخذ منها الأوراق وينظر إليها. يوسف: واضح إنك شخصية مميزة. محسن مش من النوع اللي بيثق بسهولة، خصوصًا في أوراق مهمة زي دي. شغالة معانا بقالك قد إيه؟ مي: أربع شهور يا فندم. يختلس النظر إليها، ويحاول أن يمنع عينيه من ذلك، ولكن شيئًا بداخله يمنعه. يوسف: تبقى فعلًا شاطرة. محسن دايمًا بيعرف يختار الناس اللي بتشتغل معاه، وعلشان كده أنا كمان بثق فيه. مي: دي شهادة أعتز بيها جدًا، وأتمنى أكون قد الثقة. الجريمة في تلك الأثناء، كانت سيدة في المطبخ تجلس مع ابنها “وحيد”، شاب في منتصف العشرينات، غير مهندم، يتحدث بلسان ثقيل والسواد يملأ تحت عينيه. يبدو عليه العنف. يجلس ممسكًا بتفاحة وسكين، يقطعها ويأكلها. تحاول سيدة أن تتحدث إليه في هدوء. سيدة: انت إيه اللي جابك هنا يا وحيد؟ مش أنا قولتلك متجليش هنا يا ابني؟ وحيد: طيب أروح لمين غيرك؟ إنتي أمي ومليش حد غيرك. سيدة: تستنانى لما أرجع
البيت. ده مكان أكل عيش يا ابني. أنا مش عارفة إنت دخلت إزاي. وحيد: هو أنا هعجز يعني يا أما؟ يلا بقى انجزى وهاتي فلوس. سيدة: يا ابني وأنا أجبلك منين؟ منتا مشطب عليا أول بأول. وحيد (بحدة): معناته إيه الكلام ده؟ يعني إيه مشطب عليكي؟ سيدة: انزل يا ابني شوفلك شغلانة ولا اعمل أي حاجة بدل ما إنت عواطلي كده. اللي في سنك فاتحين بيوت. وحيد (بغضب): هو أنا يعني كنت لقيت شغل ومشتغلتش؟ بقولك إيه والنبي يا أما متضيعش الاصطباحة. عايزة تفهميني إنك عايشة في النغنغة دي كلها، وأصحاب الهلومة دي مش بيراضوكي بحاجة؟ سيدة: يا ابني أنا مع الناس دي بقالى سنين، باخد مرتبي وحقى وزيادة. يلا يا وحيد ربنا يهديك. خد بعضك يا ابني وامشي، ولما أرجع هحاول أتصرف. وحيد: لا دلوقتي يعني دلوقتي. (ينتبه إلى الإسورة في يدها). أقولك على حاجة؟ هاتي حتة الصيغة دي. هبيعها وهاخد فلوسها أدورها واشتغل بيهم. سيدة: يا ابني دي آخر حاجة معايا. دي ستراني كل السنين دي. لما أموت مش هتلاقي حاجة غيرها تكفنني بيها. وحيد (بسخرية): بلاش الكلام ده يا أما. مش ناقص وجع دماغ. خلي اللي يكفنك حد تاني. أنا عايز فلوس دلوقتي. (يمد يديه ويمسك يد أمه محاولًا أخذ الإسورة بالقوة، لكنها تقاومه بشدة. تحاول ألا تخرج صوتًا، حتى لا ينتبه يوسف لها. لكن مع الشد والجذب، يغيب وحيد ولا يدرك ما يفعله، ثم يندفع بجنون ويطعن السكين في يدها. ينقطع وريدها فتسقط. يأخذ وحيد الإسورة، وينظر إليها بلا مبالاة.) وحيد: ما كان من الأول بقى بدل الفرهدة دي. ابقى خليهم يودوكي المستشفى بقى. (يخرج مسرعًا. تسقط سيدة على الأرض، فترتطم رأسها بحافة البوتاجاز، فتبدأ تنزف حتى الموت.) في
تلك الأثناء، كان يوسف ينظر إلى الأوراق حتى يسمع صوت ارتطام. ينتبه، ويقوم مسرعًا هو ومي متجهين نحو المطبخ. يقف يوسف للحظة عند الباب، وكأن قلبه يحذره مما سيراه. يدخل ليرى سيدة ممدة على الأرض، والدماء تحيط بها. يقف مذهولًا للحظات، بينما تقف مي خلفه، يدها تغطي فمها وعيناها تدمعان من هول المشهد. يمسك يوسف هاتفه محاولًا الاتصال بالشرطة. يده ترتعش وهو يتحدث: ألو… لو سمحت، حصلت جريمة قتل في الفيلا. التحقيق يجلس يوسف على الأريكة وعلى وجهه آثار الصدمة، يحاول التماسك، وبجانبه تجلس مي منهارة، ويجلس محسن بجانبها محاولًا تهدئتها. أفراد الشرطة ينتشرون في المكان، ورجال البحث الجنائي يخرجون من اتجاه المطبخ باتجاه يوسف. يأتي الضابط إليه ويتحدث إلى يوسف ومي: الضابط: كان في حد غيركم أثناء وقوع الحادث أو أي شهود غيركم؟ يوسف: لا يا فندم، إحنا كنا هنا في الصالة، بمضي أوراق للشركة. الضابط (موجهًا حديثه لمي): وبعدين؟ مي: ولا حاجة يا فندم، سمعنا صوت خبطة من المطبخ، قمنا بسرعة ودخلنا لقينا المنظر ده، واتصلنا بالشرطة على طول. الضابط: أكيد في كاميرات في الفيلا، ولا إيه يا أستاذ يوسف؟ محسن (مقاطعًا): أكيد يا فندم، وحضرتك ممكن تطلع عليها، موجودة في مكتب يوسف. (ينهض) اتفضل معايا. يتجه محسن والضابط إلى غرفة المكتب، بينما يجلس يوسف في حالة ذهول، ولا يستطيع منع دموعه حزنًا على سيدة. تحاول مي التخفيف عليه: أنا عارفة إنها عزيزة على حضرتك، بس العياط مش هيرجعها. خفف على نفسك علشان تعرف تكمل اليوم ده لحد ما البوليس يعرف مين عمل كده وناخدلها حقها. يوسف (ينظر إليها بعصبية): لا مش عارفة! إنتِ مش متخيلة أنا إحساسي إيه دلوقتي. آخر حاجة كانت باقيالي، الوحيدة اللي كانت مستحملاني الفترة اللي فاتت كلها. هي أصلًا اللي مربِّياني. دي غلاوتها من غلاوة أمي. هو أنا ليه بيحصل لي كده يا رب؟ مي (تمسك يديه في هدوء وتشد عليها بعطف): قضاء ربنا بيكون لطف بينا. ده ميعادها، وكلنا هنموت. يوسف (ينظر إلى يديها ويسحب يديه): أرجوكي وفري كلام الإنشاء ده. أنا محتاج حد يواسيني. مي (تشعر بالإحراج وتسحب يديها): حاضر. (تبتعد قليلًا وتعتدل في جلستها). في تلك الأثناء، يجلس الضابط أمام شاشة الكاميرا ويقوم باسترجاعها، ليجد شخصًا يقفز من أعلى السور من ناحية باب المطبخ الخلفي. يوجه حديثه لمحسن: تعرف الشخص ده يا أستاذ محسن؟ محسن: بيتهيألي شوفته قبل كده، بس مش متذكر هو مين. أعتقد يوسف ممكن يعرفه. الضابط يوجه حديثه إلى أحد العساكر: انده على أستاذ يوسف من برة. (لمحسن) أعتقد إن ده حل اللغز. ده تقريبًا نفس التوقيت اللي اتصل فيه يوسف بينا، وكمان لما تقرب الصورة شوية هتلاحظ إن فيه آثار دم على إيده وبنطلونه. محسن: مظبوط سعادتك. يدخل يوسف إلى المكتب مسرعًا ثم يتجه نحو الشاشة ويتحدث إليه الضابط: تعرف الشخص ده يا أستاذ يوسف؟ يوسف (ينظر بدقة ليرد في ذهول): أيوة يا فندم، ده وحيد ابنها. محسن (يرد في صدمة): ابنها؟ يوسف: هو كان بيتردد عليك كتير، أو على المرحومة؟ محسن: آه، ساعات كتير كانت بتحكي لي إنه بيجيلها، وكان دايمًا عامل مشاكل معاها علشان الفلوس. الضابط: تقدر تدينا عنوان ليه أو أي حاجة تقدر توصلنا ليه؟ يوسف: لا للأسف يا فندم. كل اللي أعرفه عن سيدة إنها عايشة في شبرا، لكن فين بالتحديد مش عارف يا فندم. (وكأنه تذكر شيئًا) ثواني يا فندم، أنا فاكر إنها كانت إدَّت لي ورق علشان أخلص لها حاجة في المعاشات لما زوجها توفى. أعتقد إن المحامي بتاعي معاه نسخة من بطاقتها وأكيد فيها العنوان. الضابط: ده شيء كويس جدًا وهيسهَّل علينا كتير. أنا للأسف لازم أتحفظ على الهارد ده. طبعًا حضرتك لازم تيجي القسم علشان نقفل المحضر ده، وعلشان نبدأ في اتخاذ الإجراءات القانونية في ضبط وإحضار المتهم. يوسف: من الصبح يا فندم هنكون عند حضرتك بدري. أعتقد نسيب يوسف والآنسة مي يرتاحوا. اليوم كان صعب عليهم. الضابط: مفيش مشكلة. (يوجه حديثه لأحد رجاله) اتحفظ يا ابني على الهارد، واتأكد إن رجال البحث الجنائي خلصوا شغلهم. يخرج الضابط ومعه العساكر، يتجه محسن إلى يوسف الذي يقف شارد الزهن محاولًا تهدئته: حاول تريح يا يوسف، قدامك بكرة يوم طويل تاني. يوسف: أريح إزاي يا محسن؟ أنا شكلي مش مكتوب لي راحة. يقتلها ليه الكلب ده؟ وهي ليه ما قالتش إنها محتاجة فلوس؟ عمرها ما كنت هتأخر عنها. محسن: سيدة طول عمرها نفسها عزيزة عليها وأنت عارف. عمرها يا يوسف… عمرها. الهروب منزل صديق وحيد – سطح المنزل يجلس وحيد على ركنة بالأرض، وأمامه شيشة وبعض الأطباق بها مسليات. يشعل سيجارة ويخرج دخانًا كثيفًا من فمه. بجانبه يجلس صديقه “محمود” ممسكًا بالشيشة. محمود (بقلق): بس ما قولتليش يا أبو الصحاب، جبت الفلوس دي منين؟ وحيد (في لا مبالاة): يا أسطى ميخصكش، هو بص ولا بحلقة. محمود: خلاص يا عم متزقش، بس لو كانت مصلحة مخدتش أخوك معاك ليه؟ ده إحنا على الحلوة والمرة يا أبو الصحاب. وحيد (بانتباه): منتا لو عرفت اللي أنا عملته مش هتقول كده. محمود (منتبهًا): عملت إيه؟ أوعى ياض تكون عامل مصيبة وجاي تستخبى عندي! أنا مش ناقص، الدنيا ملبشة خلقة. وحيد (متعصبًا): ولا متفوقناش بقى، خليك في حالك. (ينظر إلى الشيشة) شد، واكتم. محمود: وماله مش عيب. يدخل عليهم طفل صغير مسرعًا وهو ينهج من الجري.
تم نسخ الرابط