رواية زنزانة 2

رواية زنزانة 2
رواية زنزانة 2

وقف هشام اثناء تظبيط  مكرونه مكانا مناسبا يجلس فيه . ذهبت إلى الحمام  . مكتوب على الحائط كلمه حمام  .  بجوارة سهم يشير إليه . كأننا في مول تجاري او مطار كأنهم يخافون علينا أن نتوه في الوصول إليه من اتساع الغرفه . لم استطع ان اضع قدمي داخله من الرائحه التي تفوح منه . تراجعت فورا جلست بجوارهم .. تذكرت حمام بيتي الذي إذا وجدت به ذبابة ذهبت مسرعا احضر البيروسول حتى اقضي عليها واحيانا كثيرة اجري خلفها مثل المجنون بعصايه ولم يهدأ لي بال الا بعد قتلها او اغراقها في مياه البانيو ..

جلست بجوار شاب لطيف تعرفت اليه اسمه ” عصام ” متعلم تقاربنا ذهنيا . وهو في نفس عمري تقريبا  تحدثنا سويا .  يسكن في مكان ليس ببعيد عني  . اصابنى الاندهاش عندما علمت أن سبب دخوله  مشاجرة بينه وبين أخيه لان زوجته لاتحب والدته ولا تريدها في المنزل  . ودائما ما تفتعل مشكلة معها  كى تطردها من المنزل  ..

تعجبت عندما لم يتحرك  بداخله نخوة أو عاطفة تجاه الأم التي ولدته وأرضعته وربته . كل مايشغل باله هو رضا زوجته عليه . بعدها انتفض” عصام” لضربة دفاعا عن والدته . مما جعل زوجه اخيه التحرك الي قسم الشرطة وعمل محضر تعدي عليه بالضرب وبالمقابل أيضا عمل نفس المحضر في أخيه وابنه . وتم القبض عليهم جميعا . وشاور بيده على ابن أخيه الذي يجلس بعيدا   فهو شاب صغير لا يتعدى الثامنة عشر فقد هرب والديه قبل ان يلقي القبض عليه …

وجدت عصام ممسك يديه ..

_ انت اتعورت في الخناقه ولا ايه

_ بيني وبينك لما لقيت المحضر بتاعهم

اقوي مني . لان مرات اخويا سبقتني  . روحت معور نفسي

نظرت اليه باندهاش

_ بتهزر عورت نفسك ياعصام . ليه ياابني كده

_ المشكله مش في التعويره

_ اومال ايه

_ المطوة سرحت مني فا اتعورت اكتر . بس عادي . اهي خدمت المحضر

نظرت اليه بعيون مندهشة كيف لإنسان أن يقدم على إصابة نفسه بيده وهو يشعر بألم شديد ويري دمه يسيل وهو من فعل ذلك بنفسه . ما الدافع القوي الذي جعله يفعل ذلك خوفا على والدته أم انتقاما على شي اخر ..

هتف عصام قائلا

_اقسم بالله لو كنت لحقت اخويا كنت ضربته بالفأس

_ ياعم ايه العبط ده . تقتل اخوك

_ ايوة اومال يضرب امه هو  ومراته

_ هو غلطان بس مش هتعالج غلط بجريمة .

_ بس انا مبسوط اسكت . رغم ان ذراعي واجعني .بس محضر قصاد محضر

اقترب مكرونه الي هشام يهمس إليه

_ اعملك شاى

هشام في اندهاش

_ بجد يالا. ياريت تبقي عملت الصح

مكرونه : لو عاوز اكتر من الشاى موجود

(وغمز بعينيه )

هشام : لا يا حيلتها متوديناش في داهيه احنا خارجين بكره

نظر لي هشام مبتسم

_ الواد ده مجرم على اصولة . علبة سجائر خلته عاوز يخدمك بعنيه

ابتسمت اليه

_ ربنا يهون الليلادى

هشام : متقلقش . بكره كله هيخلص .وهنروح . بس اوعى متكلمنيش لما نخرج

انتفض مكرونه

_ احلى صحوبيه وتدوم .. صحوبيه العمبوكه

هشام : طيب اخلص يا ابن العمبوكه واعمل اتنين شاى

هتف مكرونه ساخرا

_ شايك وسكرك الناس تقدرك

رددت عليه

_ بتقول حكم كمان .

رد هشام ساخرآ

_ حكم مسجلين

بعدها سمعنا صوت الباب يفتح . عيوننا متجه للباب . دخل علينا شاب يبدو انه في اواخر الثلاثون  وقف على الباب وفي عينه حسرة نفس النظرة البائسة التى شعرت بها منذ ان وضعت قدمي داخل المكان ..  لكنه لم يجد مكانا يجلس فيه سوى خلف الباب . نظرت إليه وجدت في عينيه حزن شديد . لا يتكلم جلس والدموع فى عينيه تأبى النزول . فيه شى غريب لفت نظرى . جعل فضولى يتحرك حتى اعرف ماذا اتى به هنا ؟ لكنى وجدته صامتا . احيانا كنت اختلس بعض النظرات اليه . وجدته  جالس رأسه للخلف وعينه دامعة ..

هتف هشام في مكرونه .

_ انا هنام شويه واقفل اللمبه دى

مكرونه ساخرا

_ احنا في بيتنا ياريس . مفتاح اللمبه برة بس استنى هروق عليك

وقف يفكر لحظات ثم  طلب من احد زملائه أن يحمله . وضع كيس بلاستيكي أسود اللون حول اللمبة جعل نورها ضعيف .

نزل مبتسم

_ ايه رايك كده يا قائد

ابتسم هشام اليه

_ انت عارف يالا لو انت مش سوابق كنت شغلتك معايا

مكرونه : لما اخرج بقى . اصل انا ممسوك بمخدرات ولسه موالى طويل

هشام : يخرب عقلك . مخدرات . مع ان شكلك قاتل مأجور

ابتسمت اليه

_ وهى المخدرات سهله يعنى .

 

نظرت إلى الشاب الجالس بجانب الباب وجدته لا يتحرك . فقد مال قليلا في جلوسه على جانبه الأيمن  . تقدمت اليه

_ انت كويس

لا يستطيع الرد ولا الحركة .علمت انها جلطه بعد ان مسكت يده ولم يستطع تحريكها  . هتفت في هشام

_ الحق . الراجل جاتله جلطة

وقف هشام مسرعا . يخبط على الباب إلى أن حضر الحارس

_ فيه ايه يا بهايم

هشام : افتح  بسرعه . فيه واحد تعبان

ذهب مسرعا يخبر الضابط بما حدث . وقف الجميع محاولا انقاذه . طلبت منهم الرجوع حتى يستطيع التنفس . اغرقت وجهه بالمياه حتى لا يغمى عليه . جاء الحارس وفتح الباب ومعه الضابط . هتفت فيه .

لازم يروح مستشفى . دى جلطة لازم نلحقها

الضابط : انا مينفعش أخرجه

هتفت فيه بصوت عالي

_ يعنى هنسيبه يموت هنا .

الضابط : طيب اجيبلك ايه

_ هات اسبرين بسرعه علشان سيولة الدم  ومايه ساقعه

أرسل أحد الحراس لجلب ما اخبرته به

ظللت ارش  المياه على وجهه ورأسه

_ لازم يروح مستشفى ياخد حقنه مذيبه للتجلط

هتف الضابط

_ طيب طلعوه بره  في الطرقه

حملته انا وهشام واخرجناه بالخارج . إلى أن جاء الحارس ومعه الأسبرين . وضعت عدة أقراص في فمه . بعد لحظات بدأ في البكاء . ويده تتحرك ولكن ببطئ . كانت بجوارنا غرفة أخرى مليئة . هتف الضابط

_ هاتو الدكتور على يبص عليه

فتح الحارس باب الغرفة المجاورة . خرج منها الدكتور . نظر لى

_ انت دكتور

_ لا . بس انا اعرف ان لازم ياخد اسبرين علشان الجلطه متزدش

دكتور : طيب كويس

ثم اقترب من الضابط لازم يروح المستشفي حالا والا الواد ده ممكن يموت .

خرج الضابط  متحدثآ في هاتفه

ثم عاد قائلا

_ الإسعاف جاى خلاص . ادخلو يالا كل واحد في مكانه

نظرت اليه

_ هنسيبه لوحده يعنى

الظابط : انت مين ؟ وشغال ايه ؟

_ مش وقته ياباشا .

الضابط : طيب خليك معاه لما الإسعاف يجى .الكل يدخل يلا

ظللت القي المياه على رأسه . الى ان حضر المسعفين و حملوه وذهبوا به الى المستشفى . اقترب الظابط لى مبتسم

_ شكرا . الواد ده لو بقي كويس هتبقى انت السبب

_ ان شاء الله هيبقى كويس طالما اخد اسبرين .

الظابط : لو احتجت حاجه ابعتيلى . هو انت هنا ليه ؟

_ خناقه . كنت بدافع عن ابن جاري . عيال بلطجية عاوزينه يضربوه . تقريبا كتبو اسمى  فى المحضر عشان اتدخلت وضربت واحد فيهم .

الضابط : بتدافع عن الغلابه يعني

_ والله لو جارى غلطان مكنتش اتحركت من مكانى

الضابط : متقلقش . هتخرج بكره . شكلك ابن ناس ومؤدب .

طلب من الحارس أن يدخلني إلى الزنزانة مرة أخرى . وجدت هشام جالسا ينظر لي مبتسمآ ومعه مكرونه

هتف مكرونه

_ بس انت برنس . عرفت ازاى انها جلطه

_ الحمد لله .  شكله كان زعلان جدا

هشام : كويس انك اخدت بالك . الواد دة لو احنا كنا نمنا كان مات فيها

اخذت شهيقآ طويلأ

_ تقريبآ كده انا دخلت النهاردة علشان انقذه

مكرونه : طيب انتو كلكم هتخرجوا بكره . هتسبونى لوحدى

ضحك هشام

_ لا انت معاك ربنا . اكيد حبايبك جوة كتير

بعد مرور بعض الوقت . شعرت بأننا اقتربنا من اذان الفجر وان الليله سوف تنقضي اخيرآ .

عاد الحارس وفتح الباب قائلا

_ هفتح الباب ..  يدخل ليكم شويه هواء بس محدش يقف على الباب

هشام : ايه يا عم سعيد . هتقفل باب الرحمة ليه

سعيد الحارس : دى اوامر يا هشام بيه .

تقدم هشام اليه . واعطاه علبة سجائر .

_ هنقعد على الباب ومش هنتحرك . وعد منى

سعيد : بس بلاش هيصه .

هشام : هنقعد انا والراجل المحترم ده ( شاور بيديه اتجاهي )

انتفض مكرونه واحضر سجادة وفرشها على عتبة الباب .

جلسنا عليها . شعرت بهواء جميل . نقي . ظللت اخذ نفس طويل . عميق . حتى استرجع ذكرياتي مع الخروج فجرآ بسيارتي . كنت معتاد على الخروج فجرا اسير في الشوارع . البلد هادئة . ليس بها أحد غيري  . لم أشعر بقيمة  حريتى التى اقتنصها صاحب المحضر منى فجأة .

بعدها عاد الحارس يتقدم ناحيتنا ومعه الشاب الذى سقط منا وهو يمشي على قدميه . نظرنا إليه في اندهاش ووجهنا سعيد ..

وقفت اليه

_ حمدالله ع السلامة . انت كويس

ربت على كتفي وهو مبتسم

_ شكرا جدا . انا كنت حاسس بكل حاجة . بس مكنتش قادر اتكلم

_ الحمد لله انك  بخير .

تحدثت معه .علمت سبب حزنه وغضبه من اخته التى أتت به الى هنا بسبب الميراث . الذي استلمته . لكن طمعها وحب المال جعلها تنكر ذلك . ضحت بالاخوة ورابط الدم من اجل حفنه من المال ..

هتفت فيه

_ طيب هي بتنكر انها استلمته ليه ؟.

_ مكنتش كتبت اى أوراق بينا . قلت اخوات وبينا ثقه

_ معقول للدرجادى مافيش امان ولا ثقه بيت الاخوات

وجدت في هذا المكان مايشيب له الولدان  . ولد يضرب امه الذى ربته  . وآخر يجرح نفسه بيده  بكل برود  . واخت ترمي اخيها في السجن . كنا ونحن صغار نتعحب من قصه سيدنا يوسف عندما القي به اخوته في البئر . وقابيل الذي قتل اخيه هابيل ..  كان الحياه مازالت تخبرنا بوجود اخوة يوسف بيننا وتؤكد على غيره الاخوة كما حدث من قابيل ..

لفت نظري شئ أن الزنزانة التي بجوارنا التي خرج منها الدكتور ” على “. عندما وقفت بجانب الشباك اشرح له ما حدث ان الغرفة  بها تلفاز كبير معلق على الحائط ومرتبة بشكل جميل . حتى الأشخاص الموجودين بالداخل مختلفين في الشكل والمظهر . يبدو عليهم الأناقة والوجاهة  منهم من يصلى ومنهم من يمسك مصحف يقرأ  .فضولي زاد اكثر عندما خرج الدكتور بملابس انيقه ولحية مرتبه جميله . يبدو عليه الصلاح والتقوى . تسالت من له خبره في هذا المكان أقتربت من ” مكرونه”

_ بقولك هي الاوضه التانيه دي فيها ناس نضيفه غير هنا خالص

_ لا دول بهوات خالص .( ثم بدا يهمس بصوت منخفض)

الاوضه دى بتاعه البهوات  .

علمت ان كل غرفه مقسمه  حسب الوضع الاجتماعي والثقافي وايضآ المادى ..

اقترب الحارس وهتف قائلا

_ يلا … اجهزوا هنطلع على النيابة

انتفض كل منا لترتيب ملابسه واشياءه .

وقفنا صف واحد .

حانت لحظة لم اكن اتوقعها في حياتي .تركت شرخ كبير في قلبي وهي ارتداء ” الكلابش”  لم اشعر بمثل هذا الالم النفسي طوال حياتي ولن اغفر لمن أتى بي إلى هذا المكان ما دمت حيآ ..

وقفنا صف هشام امامي وخلفي مكرونه وبدا الحارس يجمع كل اثنين في ” كلبش” حتى جاء نصيبي مع مكرونة . تحدثت الى نفسي  ( هي كده كملت. انا ومكرونه في كلبش واحد . مشبوه يعني مشبوه )

الكل سواسية في هذا الموقف . من قتل أو حيازة مخدرات مثله مثل قضية نفقه . خناقه . او حتي قضيه كهرباء . هنا الكل سواسيه ..  ظل مكرونه يهمس ويتحرك طلبآ سيجاره ويدي معلقه معه . ذهابا وايابا .

هتفت فيه بعصبيه

اهدي بقى وخلى اليوم ده يعدي على خير

بكل برود منه

_ ايه ياعم هو انا عملت حاجه

_ عمال تفرك رايح جاي وايدي متشعلقه معاك . مش كفايه تسول بقي سجائر .مشبعتش طول الليل

_ هو أنت  بتعايرني ياعم

_ لا اعايرك ولا تعايرني . هو انا كنت وكيل وزارة . ما انا متنيل معاك في كلبش واحد اهو

تحركنا الى الخارج . وقفنا في طابور طويل . إلى أن جاء الضابط المسؤول نظرت الي الارض .كان يراجع الاسماء الموجودة بالكشوفات  اقترب مني ..

_ انت شغال ايه . وهنا بتعمل ايه ؟

_ حضرتك كان فيه خناقه وانا …

قطع حديثي

انا حاسس اني قابلتك وقعدت معاك قبل كده

_ ليا الشرف معاليك

ثم شاور إلى أحد الضباط

_ خلى بالك منه لو احتاج حاجه اعملهاله

شكرته على تصرفه الجميل .الإنساني . الذي جعله قادر على التفرقة بين الجاني والمجني عليه .خرجنا في صف وصعدنا السيارة التي دائما ما تمر بجانبي في الطريق وانا راكب سيارتي بكل ثقه استمع الى الأغاني .لم افكر لحظه ان اكون بداخلها يومآ . بعد أن جلسنا بداخلها اقترب هشام هامسا

_ مقولتش ليه انك تعرفه

_ يا عم كفاية فضايح .

انكرت انى اعرفه فقد تعاملت معه مرتين او ثلاثه عندما كان يصمم ديكور لشقته  . فانا اعمل مهندس في إحدي شركات المقاولات ..

 

وصلنا الى النيابة . دخلنا غرفه تكاد تكون اصغر من الزنزانة رائحتها أسوأ بكثير عما كنا فيها  . جلسنا كثيرآ . والساعه تابي الحركة أكثر مما قبل . إلى أن دخل الحارس

_ محمد اسامه .

رفعت اليه يدي

رمي لي كيس به سندوتشات وقال( استاذ عبدالفتاح)

ابتسمت قليلا أن صديقي بالخارج ولم ينقض وعده لي فقد  أتي في الصباح كما وعدني ..  اطمأن قلبي قليلا .

لكن اريد الخروج من هذا الكابوس في غمضة عين . بدأ الحارس يخرج بعض منا حسب ترتيب كل شخص وحسب القضية التي جاء من اجلها .. إلى أن هتف باسمي” محمد اسامه ” يلا تعالي

خرجت من الغرفه . استنشق هواء الحرية التي حرمت منها ليلة كاملة . أسير بجوار الحارس عيني في الارض تكاد تظهر خطوات قدمي فقط . دخلت الي النيابه ومعي عبدالفتاح .

فقد حضر ” عبدالفتاح ”  ومعه الشاب صاحب المحضر وتم التنازل والصلح بيننا .. ثم قررت النيابة إخلاء سبيلى . إن لم أكن مطلوب على ذمة قضايا أخرى ..

ربت على كتفي

_ اطمن خلصت خلاص

ابتسمت اليه  لا اعرف هل ابكي ام اضحك عما مررت به  خلال هذه الليله  . تماسكت حتى أخرج من هذا المكان الذي أقسمت أنني لن اعود اليه ابدا إن حييت ..

 

سنعود الي القسم مرة اخري كي يتحققوا ان لم اكن مطلوب على ذمة قضايا اخري بعدها سوف اخرج  ..

تأكدت ان هشام أيضا سوف يخرج .. وتم الصلح بين عصام واخيه  اما مكرونه فقد تم تجديد الحبس إليه خمسة عشر يوما . الغريب انه لم يغضب كان مبتسم . يلهو . ساخر . سألته في اندهاش

_ هو انت مش زعلان ياابني

مكرونه: هزعل ليه . هخرج لمين اصلا . الحبس فيه لمه وصحبه .انا  عايش لوحدي امي وابوي متوفين من عشرين سنة

نظرت اليه في بؤس

_ ربنا يهون عليك يارب

دخلنا إلى القسم مرة أخرى وقفنا في طابور واحد . دخل  صديقي ” عبدالفتاح ” عندما راي الكلبش في يدي ومعي مكرونه ضحك ساخرا

( ياعيني على الحلو لما تبهدله الايام)

ثم خرج هاتفه والتقط لي صورة بالكلبش . ثم رفعت يدي إليه . حتى تكون الصورة واضحة والكلبش اوضح  .

حتى تكون ذكرى لهذا اليوم الذي لاينسى ابدا ..

بعدها هتف الحارس

” محمد اسامه” تعالي يلا

بعد التأكد من عدم وجود أي قضايا تحمل اسمي . قدم لي ورقة الخروج امضي عليه .

ثم انطلقت مع عبد الفتاح وهو مبتسم( كفارة يا حمو )

اخذت نفس عميق وانا واقف بجوار السيارة  شعرت بالحرية مرة اخرى . لكن ما حدث ترك شئ بداخلي جعلني اشعر بالاخرين اكثر  . اشفق عليهم . تعلمت ان لا اسخر من احد مهما كان . ليس كل مسجون قاتل او فعل شى شنيع . هناك من ظلم نفسه مثل “مكرونه”  . وهناك من ظلمته رجولته وشهامته . وهناك من ظلمه رايه وعقله . عرفت قيمه ما املك . تعلمت ان ارضي   …

هتف عبدالفتاح مبتسمآ

_ تعالي نروح نقعد على القهوة . نشرب اثنين قهوة واتنين شيشه  علشان تفوق كده

_  ياريت . عاوز شيشة احس اني حر انفخ فيها أخرج اليوم ده من جويا

_ اليوم دة عمره ما هيخرج من دماغك . لانه هيغيرك . وهيعلمك ..

هتفت ساخرآ

_ انساه ده كلام … انساه يا سلام

وقف هشام اثناء تظبيط  مكرونه مكانا مناسبا يجلس فيه . ذهبت إلى الحمام  . مكتوب على الحائط كلمه حمام  .  بجوارة سهم يشير إليه . كأننا في مول تجاري او مطار كأنهم يخافون علينا أن نتوه في الوصول إليه من اتساع الغرفه . لم استطع ان اضع قدمي داخله من الرائحه التي تفوح منه . تراجعت فورا جلست بجوارهم .. تذكرت حمام بيتي الذي إذا وجدت به ذبابة ذهبت مسرعا احضر البيروسول حتى اقضي عليها واحيانا كثيرة اجري خلفها مثل المجنون بعصايه ولم يهدأ لي بال الا بعد قتلها او اغراقها في مياه البانيو .. جلست بجوار شاب لطيف تعرفت اليه اسمه ” عصام ” متعلم تقاربنا ذهنيا . وهو في نفس عمري تقريبا  تحدثنا سويا .  يسكن في مكان ليس ببعيد عني  . اصابنى الاندهاش عندما علمت أن سبب دخوله  مشاجرة بينه وبين أخيه لان زوجته لاتحب والدته ولا تريدها في المنزل  . ودائما ما تفتعل مشكلة معها  كى تطردها من المنزل  .. تعجبت عندما لم يتحرك  بداخله نخوة أو عاطفة تجاه الأم التي ولدته وأرضعته وربته . كل مايشغل باله هو رضا زوجته عليه . بعدها انتفض” عصام” لضربة دفاعا عن والدته . مما جعل زوجه اخيه التحرك الي قسم الشرطة وعمل محضر تعدي عليه بالضرب وبالمقابل أيضا عمل نفس المحضر في أخيه وابنه . وتم القبض عليهم جميعا . وشاور بيده على ابن أخيه الذي يجلس بعيدا   فهو شاب صغير لا يتعدى الثامنة عشر فقد هرب والديه قبل ان يلقي القبض عليه … وجدت عصام ممسك يديه .. _ انت اتعورت في الخناقه ولا ايه _ بيني وبينك لما لقيت المحضر بتاعهم
اقوي مني . لان مرات اخويا سبقتني  . روحت معور نفسي نظرت اليه باندهاش _ بتهزر عورت نفسك ياعصام . ليه ياابني كده _ المشكله مش في التعويره _ اومال ايه _ المطوة سرحت مني فا اتعورت اكتر . بس عادي . اهي خدمت المحضر نظرت اليه بعيون مندهشة كيف لإنسان أن يقدم على إصابة نفسه بيده وهو يشعر بألم شديد ويري دمه يسيل وهو من فعل ذلك بنفسه . ما الدافع القوي الذي جعله يفعل ذلك خوفا على والدته أم انتقاما على شي اخر .. هتف عصام قائلا _اقسم بالله لو كنت لحقت اخويا كنت ضربته بالفأس _ ياعم ايه العبط ده . تقتل اخوك _ ايوة اومال يضرب امه هو  ومراته _ هو غلطان بس مش هتعالج غلط بجريمة . _ بس انا مبسوط اسكت . رغم ان ذراعي واجعني .بس محضر قصاد محضر اقترب مكرونه الي هشام يهمس إليه _ اعملك شاى هشام في اندهاش _ بجد يالا. ياريت تبقي عملت الصح مكرونه : لو عاوز اكتر من الشاى موجود (وغمز بعينيه ) هشام : لا يا حيلتها متوديناش في داهيه احنا خارجين بكره نظر لي هشام مبتسم _ الواد ده مجرم على اصولة . علبة سجائر خلته عاوز يخدمك بعنيه ابتسمت اليه _ ربنا يهون الليلادى هشام : متقلقش . بكره كله هيخلص .وهنروح . بس اوعى متكلمنيش لما نخرج انتفض مكرونه _ احلى صحوبيه وتدوم .. صحوبيه العمبوكه هشام : طيب اخلص يا ابن العمبوكه واعمل اتنين شاى هتف مكرونه ساخرا _ شايك وسكرك الناس تقدرك رددت عليه _ بتقول حكم كمان . رد هشام ساخرآ _ حكم مسجلين بعدها سمعنا صوت الباب يفتح . عيوننا متجه للباب . دخل علينا شاب يبدو انه في اواخر الثلاثون  وقف على الباب وفي عينه حسرة نفس النظرة البائسة التى شعرت بها
منذ ان وضعت قدمي داخل المكان ..  لكنه لم يجد مكانا يجلس فيه سوى خلف الباب . نظرت إليه وجدت في عينيه حزن شديد . لا يتكلم جلس والدموع فى عينيه تأبى النزول . فيه شى غريب لفت نظرى . جعل فضولى يتحرك حتى اعرف ماذا اتى به هنا ؟ لكنى وجدته صامتا . احيانا كنت اختلس بعض النظرات اليه . وجدته  جالس رأسه للخلف وعينه دامعة .. هتف هشام في مكرونه . _ انا هنام شويه واقفل اللمبه دى مكرونه ساخرا _ احنا في بيتنا ياريس . مفتاح اللمبه برة بس استنى هروق عليك وقف يفكر لحظات ثم  طلب من احد زملائه أن يحمله . وضع كيس بلاستيكي أسود اللون حول اللمبة جعل نورها ضعيف . نزل مبتسم _ ايه رايك كده يا قائد ابتسم هشام اليه _ انت عارف يالا لو انت مش سوابق كنت شغلتك معايا مكرونه : لما اخرج بقى . اصل انا ممسوك بمخدرات ولسه موالى طويل هشام : يخرب عقلك . مخدرات . مع ان شكلك قاتل مأجور ابتسمت اليه _ وهى المخدرات سهله يعنى .   نظرت إلى الشاب الجالس بجانب الباب وجدته لا يتحرك . فقد مال قليلا في جلوسه على جانبه الأيمن  . تقدمت اليه _ انت كويس لا يستطيع الرد ولا الحركة .علمت انها جلطه بعد ان مسكت يده ولم يستطع تحريكها  . هتفت في هشام _ الحق . الراجل جاتله جلطة وقف هشام مسرعا . يخبط على الباب إلى أن حضر الحارس _ فيه ايه يا بهايم هشام : افتح  بسرعه . فيه واحد تعبان ذهب مسرعا يخبر الضابط بما حدث . وقف الجميع محاولا انقاذه . طلبت منهم الرجوع حتى يستطيع التنفس . اغرقت وجهه بالمياه حتى لا يغمى عليه . جاء الحارس وفتح الباب ومعه الضابط . هتفت فيه . لازم يروح مستشفى . دى جلطة لازم نلحقها الضابط : انا مينفعش أخرجه هتفت فيه بصوت عالي _ يعنى هنسيبه يموت هنا . الضابط : طيب اجيبلك ايه _ هات اسبرين بسرعه علشان سيولة الدم  ومايه ساقعه أرسل أحد الحراس لجلب ما اخبرته به ظللت ارش  المياه على وجهه ورأسه _ لازم يروح مستشفى ياخد حقنه مذيبه للتجلط هتف الضابط _ طيب طلعوه بره  في الطرقه حملته انا وهشام واخرجناه بالخارج . إلى أن جاء الحارس ومعه الأسبرين . وضعت عدة أقراص في فمه . بعد لحظات بدأ في البكاء . ويده تتحرك ولكن ببطئ . كانت بجوارنا غرفة أخرى مليئة . هتف الضابط _ هاتو الدكتور على يبص عليه فتح الحارس باب الغرفة المجاورة . خرج منها الدكتور . نظر لى _ انت دكتور _ لا . بس انا اعرف ان لازم ياخد اسبرين علشان الجلطه متزدش دكتور : طيب كويس ثم اقترب من الضابط لازم يروح المستشفي حالا والا الواد ده ممكن يموت . خرج الضابط  متحدثآ في هاتفه ثم عاد قائلا _ الإسعاف جاى خلاص . ادخلو يالا كل واحد في مكانه نظرت اليه _ هنسيبه لوحده يعنى الظابط : انت مين ؟ وشغال ايه ؟ _ مش وقته ياباشا . الضابط : طيب خليك معاه لما الإسعاف يجى .الكل يدخل يلا ظللت القي المياه على رأسه . الى ان حضر المسعفين و حملوه وذهبوا به الى المستشفى . اقترب الظابط لى مبتسم _ شكرا . الواد ده لو بقي كويس هتبقى انت السبب _ ان شاء الله هيبقى كويس طالما اخد اسبرين . الظابط : لو احتجت حاجه ابعتيلى . هو انت هنا ليه ؟ _ خناقه . كنت بدافع عن ابن جاري . عيال بلطجية عاوزينه يضربوه . تقريبا كتبو اسمى  فى المحضر عشان اتدخلت وضربت واحد فيهم . الضابط : بتدافع عن الغلابه يعني _ والله لو جارى غلطان مكنتش اتحركت من مكانى الضابط : متقلقش . هتخرج بكره . شكلك ابن ناس ومؤدب . طلب من الحارس أن يدخلني إلى الزنزانة مرة أخرى . وجدت هشام جالسا ينظر لي مبتسمآ ومعه مكرونه هتف مكرونه _ بس انت برنس . عرفت ازاى انها جلطه _ الحمد لله .  شكله كان زعلان جدا هشام : كويس انك اخدت بالك . الواد دة لو احنا كنا نمنا كان مات فيها اخذت شهيقآ طويلأ _ تقريبآ كده انا دخلت النهاردة علشان انقذه مكرونه : طيب انتو كلكم هتخرجوا بكره . هتسبونى لوحدى ضحك هشام _ لا انت معاك ربنا . اكيد حبايبك جوة كتير بعد مرور بعض الوقت . شعرت بأننا اقتربنا من اذان الفجر وان الليله سوف تنقضي اخيرآ . عاد الحارس وفتح الباب قائلا _ هفتح الباب ..  يدخل ليكم شويه هواء بس محدش يقف على الباب هشام : ايه يا عم سعيد . هتقفل باب الرحمة ليه سعيد الحارس : دى اوامر يا هشام بيه . تقدم هشام اليه . واعطاه علبة سجائر . _ هنقعد على الباب ومش هنتحرك . وعد منى سعيد : بس بلاش هيصه . هشام : هنقعد انا والراجل المحترم ده ( شاور بيديه اتجاهي ) انتفض مكرونه واحضر سجادة وفرشها على عتبة الباب . جلسنا عليها . شعرت بهواء جميل . نقي . ظللت اخذ نفس طويل . عميق . حتى استرجع ذكرياتي مع الخروج فجرآ بسيارتي . كنت معتاد على الخروج فجرا اسير في الشوارع . البلد هادئة . ليس بها أحد غيري  . لم أشعر بقيمة  حريتى التى اقتنصها صاحب المحضر منى فجأة . بعدها عاد الحارس يتقدم ناحيتنا ومعه الشاب الذى سقط منا وهو يمشي على قدميه . نظرنا إليه في اندهاش ووجهنا سعيد .. وقفت اليه _ حمدالله ع السلامة . انت كويس ربت على كتفي وهو مبتسم _ شكرا جدا . انا كنت حاسس بكل حاجة . بس مكنتش قادر اتكلم _ الحمد لله انك  بخير . تحدثت معه .علمت سبب حزنه وغضبه من اخته التى أتت به الى هنا بسبب الميراث . الذي استلمته . لكن طمعها وحب المال جعلها تنكر ذلك . ضحت بالاخوة ورابط الدم من اجل حفنه من المال .. هتفت فيه _ طيب هي بتنكر انها استلمته ليه ؟. _ مكنتش كتبت اى أوراق بينا . قلت اخوات وبينا ثقه _ معقول للدرجادى مافيش امان ولا ثقه بيت الاخوات وجدت في هذا المكان مايشيب له الولدان  . ولد يضرب امه الذى ربته  . وآخر يجرح نفسه بيده  بكل برود  . واخت ترمي اخيها في السجن . كنا ونحن صغار نتعحب من قصه سيدنا يوسف عندما القي به اخوته في البئر . وقابيل الذي قتل اخيه هابيل ..  كان الحياه مازالت تخبرنا بوجود اخوة يوسف بيننا وتؤكد على غيره الاخوة كما حدث من قابيل .. لفت نظري شئ أن الزنزانة التي بجوارنا التي خرج منها الدكتور ” على “. عندما وقفت بجانب الشباك اشرح له ما حدث ان الغرفة  بها تلفاز كبير معلق على الحائط ومرتبة بشكل جميل . حتى الأشخاص الموجودين بالداخل مختلفين في الشكل والمظهر . يبدو عليهم الأناقة والوجاهة  منهم من يصلى ومنهم من يمسك مصحف يقرأ  .فضولي زاد اكثر عندما خرج الدكتور بملابس انيقه ولحية مرتبه جميله . يبدو عليه الصلاح والتقوى . تسالت من له خبره في هذا المكان أقتربت من ” مكرونه” _ بقولك هي الاوضه التانيه دي فيها ناس نضيفه غير هنا خالص _ لا دول بهوات خالص .( ثم بدا يهمس بصوت منخفض) الاوضه دى بتاعه البهوات  . علمت ان كل غرفه مقسمه  حسب الوضع الاجتماعي والثقافي وايضآ المادى .. اقترب الحارس وهتف قائلا _ يلا … اجهزوا هنطلع على النيابة انتفض كل منا لترتيب ملابسه واشياءه . وقفنا صف واحد . حانت لحظة لم اكن اتوقعها في حياتي .تركت شرخ كبير في قلبي وهي ارتداء ” الكلابش”  لم اشعر بمثل هذا الالم النفسي طوال حياتي ولن اغفر لمن أتى بي إلى هذا المكان ما دمت حيآ .. وقفنا صف هشام امامي وخلفي مكرونه وبدا الحارس يجمع كل اثنين في ” كلبش” حتى جاء نصيبي مع مكرونة . تحدثت الى نفسي  ( هي كده كملت. انا ومكرونه في كلبش واحد . مشبوه يعني مشبوه ) الكل سواسية في هذا الموقف . من قتل أو حيازة مخدرات مثله مثل قضية نفقه . خناقه . او حتي قضيه كهرباء . هنا الكل سواسيه ..  ظل مكرونه يهمس ويتحرك طلبآ سيجاره ويدي معلقه معه . ذهابا وايابا . هتفت فيه بعصبيه اهدي بقى وخلى اليوم ده يعدي على خير بكل برود منه _ ايه ياعم هو انا عملت حاجه _ عمال تفرك رايح جاي وايدي متشعلقه معاك . مش كفايه تسول بقي سجائر .مشبعتش طول الليل _ هو أنت  بتعايرني ياعم _ لا اعايرك ولا تعايرني . هو انا كنت وكيل وزارة . ما انا متنيل معاك في كلبش واحد اهو تحركنا الى الخارج . وقفنا في طابور طويل . إلى أن جاء الضابط المسؤول نظرت الي الارض .كان يراجع الاسماء الموجودة بالكشوفات  اقترب مني .. _ انت شغال ايه . وهنا بتعمل ايه ؟ _ حضرتك كان فيه خناقه وانا … قطع حديثي انا حاسس اني قابلتك وقعدت معاك قبل كده _ ليا الشرف معاليك ثم شاور إلى أحد الضباط _ خلى بالك منه لو احتاج حاجه اعملهاله شكرته على تصرفه الجميل .الإنساني . الذي جعله قادر على التفرقة بين الجاني والمجني عليه .خرجنا في صف وصعدنا السيارة التي دائما ما تمر بجانبي في الطريق وانا راكب سيارتي بكل ثقه استمع الى الأغاني .لم افكر لحظه ان اكون بداخلها يومآ . بعد أن جلسنا بداخلها اقترب هشام هامسا _ مقولتش ليه انك تعرفه _ يا عم كفاية فضايح . انكرت انى اعرفه فقد تعاملت معه مرتين او ثلاثه عندما كان يصمم ديكور لشقته  . فانا اعمل مهندس في إحدي شركات المقاولات ..   وصلنا الى النيابة . دخلنا غرفه تكاد تكون اصغر من الزنزانة رائحتها أسوأ بكثير عما كنا فيها  . جلسنا كثيرآ . والساعه تابي الحركة أكثر مما قبل . إلى أن دخل الحارس _ محمد اسامه . رفعت اليه يدي رمي لي كيس به سندوتشات وقال( استاذ عبدالفتاح) ابتسمت قليلا أن صديقي بالخارج ولم ينقض وعده لي فقد  أتي في الصباح كما وعدني ..  اطمأن قلبي قليلا . لكن اريد الخروج من هذا الكابوس في غمضة عين . بدأ الحارس يخرج بعض منا حسب ترتيب كل شخص وحسب القضية التي جاء من اجلها .. إلى أن هتف باسمي” محمد اسامه ” يلا تعالي خرجت من الغرفه . استنشق هواء الحرية التي حرمت منها ليلة كاملة . أسير بجوار الحارس عيني في الارض تكاد تظهر خطوات قدمي فقط . دخلت الي النيابه ومعي عبدالفتاح . فقد حضر ” عبدالفتاح ”  ومعه الشاب صاحب المحضر وتم التنازل والصلح بيننا .. ثم قررت النيابة إخلاء سبيلى . إن لم أكن مطلوب على ذمة قضايا أخرى .. ربت على كتفي _ اطمن خلصت خلاص ابتسمت اليه  لا اعرف هل ابكي ام اضحك عما مررت به  خلال هذه الليله  . تماسكت حتى أخرج من هذا المكان الذي أقسمت أنني لن اعود اليه ابدا إن حييت ..   سنعود الي القسم مرة اخري كي يتحققوا ان لم اكن مطلوب على ذمة قضايا اخري بعدها سوف اخرج  .. تأكدت ان هشام أيضا سوف يخرج .. وتم الصلح بين عصام واخيه  اما مكرونه فقد تم تجديد الحبس إليه خمسة عشر يوما . الغريب انه لم يغضب كان مبتسم . يلهو . ساخر . سألته في اندهاش _ هو انت مش زعلان ياابني مكرونه: هزعل ليه . هخرج لمين اصلا . الحبس فيه لمه وصحبه .انا  عايش لوحدي امي وابوي متوفين من عشرين سنة نظرت اليه في بؤس _ ربنا يهون عليك يارب دخلنا إلى القسم مرة أخرى وقفنا في طابور واحد . دخل  صديقي ” عبدالفتاح ” عندما راي الكلبش في يدي ومعي مكرونه ضحك ساخرا ( ياعيني على الحلو لما تبهدله الايام) ثم خرج هاتفه والتقط لي صورة بالكلبش . ثم رفعت يدي إليه . حتى تكون الصورة واضحة والكلبش اوضح  . حتى تكون ذكرى لهذا اليوم الذي لاينسى ابدا .. بعدها هتف الحارس ” محمد اسامه” تعالي يلا بعد التأكد من عدم وجود أي قضايا تحمل اسمي . قدم لي ورقة الخروج امضي عليه . ثم انطلقت مع عبد الفتاح وهو مبتسم( كفارة يا حمو ) اخذت نفس عميق وانا واقف بجوار السيارة  شعرت بالحرية مرة اخرى . لكن ما حدث ترك شئ بداخلي جعلني اشعر بالاخرين اكثر  . اشفق عليهم . تعلمت ان لا اسخر من احد مهما كان . ليس كل مسجون قاتل او فعل شى شنيع . هناك من ظلم نفسه مثل “مكرونه”  . وهناك من ظلمته رجولته وشهامته . وهناك من ظلمه رايه وعقله . عرفت قيمه ما املك . تعلمت ان ارضي   … هتف عبدالفتاح مبتسمآ _ تعالي نروح نقعد على القهوة . نشرب اثنين قهوة واتنين شيشه  علشان تفوق كده _  ياريت . عاوز شيشة احس اني حر انفخ فيها أخرج اليوم ده من جويا _ اليوم دة عمره ما هيخرج من دماغك . لانه هيغيرك . وهيعلمك .. هتفت ساخرآ _ انساه ده كلام … انساه يا سلام
تم نسخ الرابط