الهروب من الموت
ضحكت أمنية على تعليق والدتها
_ ايه يا ماما هتطلعيه مريض نفسى كمان
_ طب قومى يلا عشان نفطر وبعدين نبقى نشوف حكاية مرض سى حاتم ده كمان
كان حاتم يجلس فى مكتبه يعمل .. كان كل من يمر امامه يراه يعمل بجد لكنه فى الحقيقة كان غارقاً فى التفكير .. تفاصيل حلمه لم تمحى من رأسه .. كانت صورة اصدقائه وهم يحترقون الواحد تلو الاخر تقفز رغماً عنه امام عينيه فتزيد من فزعه وخوفه .. لقد هاتفته امنية بعد أن استيقظت من نومها وتناولت افطارها .. كانت تذكره بخطوبة ابراهيم وجميلة فى المساء .. كان يتذكر تلك المناسبة جيداً ولكن كان يخيفه انه سيتقابل مع اصدقائه فى ذلك اليوم .. كان يخاف ان يظهر عليه اى اضطراب او ارتباك بسبب حلمه السئ هذا ولم يكن يستطيع فى نفس الوقت أن يحكى حلمه هذا لهم فهو لا يريد ان يفسد فرحة ابراهيم وجميلة .. كان ابراهيم الذى تخرج من كلية الحقوق وعمل فى مجال المحاماة اكثرهم التزاما ولذلك رفض ان تعمل جميلة التى كانت جميلة بالفعل فى مجال التمثيل عندما عرض عليها ذلك .. كان هذا سبباً للكثير من المشاكل بين ابراهيم وجميلة وفى كثير من الاوقات كانا يقوما باستدعاء باقى الاصدقاء لحل مشاكلهما ويتخذ كل منهم جانب طرف منهما ولكن كان ينتهى الأمر فى النهاية بموافقة جميلة على عدم العمل ولكن بعد جهد كبير من الجميع .. مازال يتذكر عندما قام ابراهيم بالاتصال به ليخبره ان جميلة ذهبت لمقابلة مخرج طلبها للعمل فى ( فيديو كليب ) بعدما قابلها فى النادى بالصدفة وأعجب بجمالها الواضح .. ذهب حاتم مع ابراهيم الذى كان
فى المساء فى منزل جميلة احتفل الاصدقاء بخطبة ابراهيم وجميلة وسط اجواء جميلة بين اسرتيهما .. كان الجميع سعيد بهذا الحفل لكن حاتم بدا للجميع ان به شئ مختلف رغم محاولاته ان يخفى ما به الا ان نظراته القلقة وهدوئه الغير معتاد جعل جميع اصدقائه يشعرون ان حاتم ليس هو صديقهم الذى يعرفونه ..
انتهى الحفل العائلى وقرر الاصدقاء الاحتفال بإبراهيم وجميلة فى رحلة نيلية خاصة بهم .. اجتمعوا الستة اصدقاء داخل المركب وجمعهم احاديث طريفة عن بداية تعارفهم وبعض المواقف التى حدثت بينهم على مدار علاقتهم التى امتدت منذ ان كانوا فى عمر السادسة حتى تلك اللحظة .. لكن رغم حالة البهجة التى كانت تحيط باحاديتهم الا ان الجميع كان لازال يشعر بأن حاتم به شئ مختلف فى تلك الليلة .. نظر تامر ممازحاً حاتم
_ الحاجة الوحيدة اللى تخليك مكشر طول الوقت كده .. انك تكون كنت ناوى تتجوز جميلة وابراهيم خطفها منك
حاول حاتم ان يبتسم لمداعبة تامر حتى ينهى حالة التحديق المستمر فى وجهه من الجميع منذ ان تقابل معهم فى خطبة ابراهيم وجميلة ولكنه لم يستطيع .. كان هذا ايذانا بما هو اسوء بالنسبة له حيث بدأ الجميع بسؤاله عن سبب تجهمه منذ بداية اليوم .. ربتت أمنية على يده بحنان وهى تنظر له متسائلة وقد تسلل الى عينيها القلق
_ مالك يا حاتم ؟. من أول اليوم وأنت فيك حاجة متغيرة
عقب ابراهيم
_ اه بجد يا حاتم انت عمرك ما كنت بتقعد ساكت يا ابنى .. جاى يوم خطوبتى انا وجميلة وتسكت
نظر لهم وهو مازال واجماً
_ خايف اقولكم تضحكوا
نظر له تامر بجدية
_ لا قول .. مش هنضحك طبعاً
_ أصل انا حلمت حلم وحش
نظر له تامر للحظات وهو يحاول ان يستوعب ما قاله حاتم ثم انفجر ضاحكاً وتبعه الباقين فى الضحك وهم يحاولون ان يكتموا ضحكاتهم عن حاتم الذى نظر لهم بغضب ثم نهض باستياء
_ مش قولتلكم .. انا هاقوم امشى
امسك به تامر ليجلسه
_ تمشى فين يا سيدى ده احنا فى النيل .. اقعد بس
جلس حاتم وهو ينظر الى وجوه اصدقائه اللذين كانوا يجاهدون أنفسهم لكى يكتموا ضحكاتهم عنه حتى لا يغضبونه أكثر .. نظرت بسمة الى الجميع وهى تحاول ان تخفف من وطأة الامر على نفس حاتم
_ على فكرة حكاية الاحلام الوحشة دى مرات فعلا بتضايق .. انا فى مرة حلمت حلم وفضل طول اليوم معكننى
عادت أمنية لتربت على يد حاتم لتهدئه
_ بس انت مش المفروض تسيب نفسك للحالة دى .. ده فى الأخر حلم
_ حاولت .. بس المشكلة ان تفاصيله مش عايزه تروح من بالى خالص
نظرت جميلة متسائلة بفضول
_ طب هو الحلم كان عن ايه ؟
نظر اليها وهو صامت لا يستطيع ان يتكلم .. لم يكن يستطيع ان يلقى فى وجوههم تفاصيل هذا الحلم القاتم الذى داهمه وحده .. قد يزيد ذلك من سخريتهم وقد يجعلهم يصابوا بالخوف مثله فى ليلة كتلك .. رفع ابراهيم عنه الحرج وابتسم وهو ينظر الى جميلة مازحاً
_ يا ستى بيقولك حلم وحش .. عايزاه يحكيلنا حلم وحش فى ليلة زى دى ليه
ردت أمنية وهى مازالت تنظر لحاتم بقلق عليه
_ عموماً موضوع الاحلام الوحشة ده بيكون سببه ضغوط نفسية .. انت اكيد عندك ضغوط فى الشغل وبالك مشغول على طول عشان كده جالك كابوس زى ده
أشعره تعليقها بالطمأنينة قليلاً فقد كان بالفعل فى الفترة الأخيرة يرهق نفسه فى العمل كثيراً حتى انه كان كثيرا ما يحلم بأنه يعمل وقت النوم .. لعلها محقه ولعل كل ما فيه بسبب انغماسه فى العمل بشكل متواصل ليس أكثر .. قطع تفكيره تامر وهو يوجه حديثه له بمرحه المعتاد
_ عموما اللى يضيع الضغوط دى انك تفكر فى حاجات حلوة .. ان شاء الله زى ما ابراهيم وجميلة اتخطبوا .. انت كمان انت وأمنية تتخطبوا قريب وانا وبسمة كمان هنعمل كتب كتابنا اول ما ترجع من السفر
عاد القلق سريعاً الى وجه حاتم وهو ينظر الى بسمة متسائلاً
_ انتى مسافرة ؟
ردت بسمة
_ أه مسافرة بعد يومين انا وماما وبابا واخواتى .. هنقعد اسبوعين في باريس وبعدها هأرجع عشان أجهز لخطوبتي انا وتامر
رد عليها تامر وهو يطبع قبله دافئة على يديها
_ اكون انا كمان جهزت الاغنية بتاعتي وننزلها يوم الخطوبة .. وتبقى مناسبتين مش مناسبة واحدة
ابتسم الجميع بسعادة الا حاتم الذى كان ينظر الى بسمة بخوف وقلق وهو يحاول ان يمنع لسانه من ان ينطق بشئ .. فقد كانت بسمة هى الأولى فى قائمة الموت التي رأها في حلمه .
ظل حاتم بعد جلستهم تلك ليومين فى قلق شديد .. يوم سفر بسمة استمر في متابعة تامر لحظة بلحظة حتى تأكد من وصولها هي وعائلتها الى باريس دون أي ضرر .. واستمر ليومين اخرين يتابع اما مع تامر او مع امنية او مع بسمة نفسها اخبارها وصورها التي كانت ترسلها لهم من رحلتها .. كانت الأمور كلها تسير بشكل جيد .. يبدو ان هاجس حلمه السيئ سيرحل من عقله قريباً .. ليس عليه الا ان ينام بشكل جيد كما قالت له أمنية عندما سألت والدتها عن علاج الاجهاد العصبي الذي أصابه .. وبالفعل بدأ نومه يكون أكثر راحة ولم تهاجمه أي كوابيس مزعجة ولم يحدث شيء لأي من أصدقائه ..
ضحكت أمنية على تعليق والدتها _ ايه يا ماما هتطلعيه مريض نفسى كمان _ طب قومى يلا عشان نفطر وبعدين نبقى نشوف حكاية مرض سى حاتم ده كمان كان حاتم يجلس فى مكتبه يعمل .. كان كل من يمر امامه يراه يعمل بجد لكنه فى الحقيقة كان غارقاً فى التفكير .. تفاصيل حلمه لم تمحى من رأسه .. كانت صورة اصدقائه وهم يحترقون الواحد تلو الاخر تقفز رغماً عنه امام عينيه فتزيد من فزعه وخوفه .. لقد هاتفته امنية بعد أن استيقظت من نومها وتناولت افطارها .. كانت تذكره بخطوبة ابراهيم وجميلة فى المساء .. كان يتذكر تلك المناسبة جيداً ولكن كان يخيفه انه سيتقابل مع اصدقائه فى ذلك اليوم .. كان يخاف ان يظهر عليه اى اضطراب او ارتباك بسبب حلمه السئ هذا ولم يكن يستطيع فى نفس الوقت أن يحكى حلمه هذا لهم فهو لا يريد ان يفسد فرحة ابراهيم وجميلة .. كان ابراهيم الذى تخرج من كلية الحقوق وعمل فى مجال المحاماة اكثرهم التزاما ولذلك رفض ان تعمل جميلة التى كانت جميلة بالفعل فى مجال التمثيل عندما عرض عليها ذلك .. كان هذا سبباً للكثير من المشاكل بين ابراهيم وجميلة وفى كثير من الاوقات كانا يقوما باستدعاء باقى الاصدقاء لحل مشاكلهما ويتخذ كل منهم جانب طرف منهما ولكن كان ينتهى الأمر فى النهاية بموافقة جميلة على عدم العمل ولكن بعد جهد كبير من الجميع .. مازال يتذكر عندما قام ابراهيم بالاتصال به ليخبره ان جميلة ذهبت لمقابلة مخرج طلبها للعمل فى ( فيديو كليب ) بعدما قابلها فى النادى بالصدفة وأعجب بجمالها الواضح .. ذهب حاتم مع ابراهيم الذى كان