كسر مضاعف
نظر امجد الى اكرم محاولا ان يجعل الموقف بينهم اكثر هدوءا
_ مصيبة ايه بس يا جماعه ؟؟ انتوا مكبرين الموضوع كده ليه ؟
استمر أكرم فى غضبه وهتافه فى الجميع
_ لا احب أقولكم ان احنا فى مصيبة فعلا لو انتوا مش حاسين .. احنا كنا بنروح وبنيجى على بابا .. كل واحد حسب ظروفه واللى وراه .. دلوقت الوضع هيختلف ..بابا رجله مكسورة وممنوع م الحركة .. يعنى لازم حد يقعد معاه
غشتهم موجة من الصمت ظلوا فيها ينظرون الى بعضهم البعض دون أن ينطق أحد .. فكل واحد منهم حتى تلك اللحظة كان ينظر الى ما تعطل فى يومه هذا فقط ويتقبله على مضض ولكن بعد ما قاله أكرم بدا أن الأمر أكبر من يوم واحد سيقضونه مع والدهم ثم يعود كل منهم الى دورة حياته الطبيعية مرة أخرى .. كان الأمر صادما لهم فلم يكن ذلك أمرا ممكنا لأى منهم .. نظر أحمد لهم وهو يهز رأسه نافيا استطاعته المشاركة فى ذلك
_ لا .. انا بالذات مش هينفع اساعدكم فى الموضوع ده .. انتوا عارفين ظروفى كويس .. الصبح مستشفى وبالليل عيادة
نظر أمجد حوله بارتباك
_ وانا كمان يا جماعة مينفعش معايا ده خالص .. انا لسه مترقى من اقل من شهر فى البنك اللى انا شغال فيه .. والمسؤوليات زادت عليا .. يعنى انا كمان مش هينفع معايا خالص الموضوع ده
رد أكرم وهو مازالت ملامح الغضب تكسى وجهه
_ واعتقد انتوا عارفين برضو ان شغلى فى شركة البترول اللى انا شغال فيها واخد كل وقتى .. ده غير انى ملتزم أودى الولاد مرتين فى الاسبوع تمرينهم فى النادى
اعتدل
_ انا طبعا مش محتاج أشرح ان يومى ضايع فى الاشراف على المحلين بتوعى .. ودى تجارة لو سيبتها للى شغالين معايا هيسرقونى
عاد الصمت ليخيم على الجميع .. ثم اتجهت عيون الاشقاء جميعهم الى اسماء التى شعرت بنظراتهم فردت بإرتباك وعصبية
_ انتوا بتبصولى كده ليه ؟ هو انا بنته لوحدى ؟.. وبعدين المسؤولية ع الرجالة مش ع البنت الوحيدة اللى فيهم .. وبعدين ما انا كمان عندى بيت وجوز وعيال .. عايزينى اقول لجوزى ايه ؟.. اخواتى الرجالة مش عايزين يشيلوا هم ابوهم وعايزين مراتك هى اللى تشيله
تبادلوا نظرات الاحباط فيما بينهم .. وبخلاف ذلك الاحباط الذى عم بينهم كانوا جميعا ينظرون الى بعضهم البعض بترقب وكأن كل منهم يخاف ان يجد الاخرون ثغرة فى حجته التى ساقها لهم ليلقوا بالمسؤولية عليه وحده .. كسر أدم حاجز هذا الصمت المغلف بالحذر وهو ينظر لهم
_طب ايه رايكم نلم من بعض ونجيب شغاله تقعد مع بابا اليومين دول ؟
هتف أمجد بلهفة وقد أسعده اقتراح شقيقه
_ايوه ايوه .. حلو الحل ده أوى وهيريحنا كلنا .. انا عن نفسى موافق
توجهت عيونهم جميعا الي اسماء التي هزت راسها نافية إمكانية أن يحدث ذلك
_ مش هينفع .. ابوكم مبيحبش حد غريب يدخل البيت
نظر لها أحمد
_ طيب ما نحاول نقنعه
ردت عليه أسماء بحسم
_ مش هيقتنع .. هو انا هاحكيلكم على ابوكم ولا ايه ؟.. مش هيرضى ان واحدة ميعرفهاش تدخل البيت وتتحرك فيه وتبات كمان
رد أكرم بيأس دون أن يتخلى عن لهجته الحادة
_ عندها حق .. أبوكم طول عمره كده .. حتى لما ماما الله يرحمها ماتت مكانش بيرضى حد يجى يعملنا الأكل وكان بيجى هو من الشغل يعمل الأكل لينا بنفسه .. مش معقولة دلوقت هيرضى ان واحدة غريبة تدخل البيت وتحط إيدها فى كل حاجة .. أكيد مش هيوافق
عاد الاحباط ليغلف جلستهم مرة أخرى .. دقائق مرت وهم صامتين تماما .. يرفع كل منهم رأسه احيانا ليتلمس فى عيون الاخرين حلا لتلك المشكلة الصعبة التى تورطوا بها جميعا بسبب تلك السجادة اللعينة التى عرقلت والدهم وأسقطته أرضا .. نظر اليهم أمجد الذى لم يتخلى عن العبث فى هاتفه وهو يتكلم بإرتباك وهو ينظر الى اشقائه لعل رأيه يعجبهم
_طب ما احنا ممكن نعدى نص ساعه كده ولا حاجه كل يوم وخلاص .. نجهزله الاكل نشربه ميه نديله الدوا .. وأهو كل واحد هيقعدله نص ساعة ولا ساعة ويروح يشوف وراه ايه
هز أكرم رأسه نافيا ان يكون ذلك مجديا
_ولو حب يدخل الحمام ولا جاع ولا عطش واحنا مش موجودين هيعمل ايه ؟؟
نظر أحمد الى أكرم مستنكرا
_ يعنى ايه ؟.. هو انتوا عايزين اللى يجى يقضى اليوم كله معاه ؟
ابتسم أكرم وهو يهز رأسه بسخرية
_ ياريت .. احنا عايزين اللى يجى يقضى معاه اليوم ويبات لحد ما التانى يستلم منه الصبح .. ( ازدادت نبرة السخرية فى لهجته وهو ينظر الى أحمد ) ,, ايه يا دكتور .. انت مش عارف نظام الشيفتات ولا ايه ؟
نظر أحمد له مصدوما وخلع عنه نظارته وهو ينظر الى باقى اشقائه اللذين شاركوه احساس الصدمة مما قاله أكرم .. كان أكثر ما يتوقعه أى منهم أن يأتى الى منزل أبيه لبعض الوقت ثم يرحل لينتظر دوره بعد أربعة ايام .. لكن كان ما يقوله أكرم يربك كل حساباتهم ..
جلس علي على فراشة ممدا قدمه التي تكسوها جبيرة امامه وعلى طرف الفراش كان يجلس صديقه كامل وهو فى نفس عمره تقريبا .. أسماء تدخل مقتربة منهما وهى تحمل صينية عليها فنجانين من القهوة وتضعهما بالقرب منهما وهى تنظر لهما مبتسمة
_ القهوة المظبوط بتاعتك يا بابا واللى ع الريحه بتاعه عمو كامل
نظر لها كامل بسعادة هاتفا
_ تسلم ايديكي يا بنتي .. معلش تاعبينك معانا
_ لا تاعبني ده ايه ؟.. ده كفايه انك جاي تزور بابا وتقعد معاه .. وكلنا عارفين بابا بيحب حضرتك قد ايه
كامل ينظر لعلي مبتسما
_ ده عشرة عمر يا بنتي
تخرج اسماء من الغرفة وتترك كامل مع والدها .. كان كامل صديق عمر لعلي امتدت صداقتهما لأكثر من أربعين عام .. ولكن على عكس علي الذي تزوج وانجب خمسة ابناء لم يتزوج كامل وعاش حياته لعمله فقط حتي اكتشف انه في النهاية كُتب عليه ان يعيش حياته وحيدا .. بعد ان ودع حياته المهنية بسنوات اكتشف حجم الخطأ الذي ارتكبه في حق نفسه وانه مهما حاول الانشغال طوال يومه مع الاصدقاء في المقهى للعب الشطرنج او الجلوس مع بعض المعارف يتسامرون في احاديث الماضي والحاضر ولكنه في النهاية يعود الي ( زنزانته الانفرادي ) كما كان يطلق عليها ضاحكا امام اصدقائه .. كان يقولها مازحا ولكنه في كل مرة كان يقولها لهم كان وجهه الباسم يخفي اثار تلك الطعنة التي يشعر بها في قلبه .. كان منزله بالفعل بالنسبة له كسجن لا يؤنس وحدته فيه أحد ..
نظر امجد الى اكرم محاولا ان يجعل الموقف بينهم اكثر هدوءا _ مصيبة ايه بس يا جماعه ؟؟ انتوا مكبرين الموضوع كده ليه ؟ استمر أكرم فى غضبه وهتافه فى الجميع _ لا احب أقولكم ان احنا فى مصيبة فعلا لو انتوا مش حاسين .. احنا كنا بنروح وبنيجى على بابا .. كل واحد حسب ظروفه واللى وراه .. دلوقت الوضع هيختلف ..بابا رجله مكسورة وممنوع م الحركة .. يعنى لازم حد يقعد معاه غشتهم موجة من الصمت ظلوا فيها ينظرون الى بعضهم البعض دون أن ينطق أحد .. فكل واحد منهم حتى تلك اللحظة كان ينظر الى ما تعطل فى يومه هذا فقط ويتقبله على مضض ولكن بعد ما قاله أكرم بدا أن الأمر أكبر من يوم واحد سيقضونه مع والدهم ثم يعود كل منهم الى دورة حياته الطبيعية مرة أخرى .. كان الأمر صادما لهم فلم يكن ذلك أمرا ممكنا لأى منهم .. نظر أحمد لهم وهو يهز رأسه نافيا استطاعته المشاركة فى ذلك _ لا .. انا بالذات مش هينفع اساعدكم فى الموضوع ده .. انتوا عارفين ظروفى كويس .. الصبح مستشفى وبالليل عيادة نظر أمجد حوله بارتباك _ وانا كمان يا جماعة مينفعش معايا ده خالص .. انا لسه مترقى من اقل من شهر فى البنك اللى انا شغال فيه .. والمسؤوليات زادت عليا .. يعنى انا كمان مش هينفع معايا خالص الموضوع ده رد أكرم وهو مازالت ملامح الغضب تكسى وجهه _ واعتقد انتوا عارفين برضو ان شغلى فى شركة البترول اللى انا شغال فيها واخد كل وقتى .. ده غير انى ملتزم أودى الولاد مرتين فى الاسبوع تمرينهم فى النادى اعتدل
