مياااو مياااو

مياااو مياااو
مياااو مياااو

– إدبح لها القطة؟

نعم هذه الجملة التي كان يقولها ابي للرجل قبل أن أنتبه لهما.. ولكن لماذا يرددها الرجل الأن؟!!  ومابال هذه النظرة الشريرة فأحسست الدماء تتجمد في عروقي وأذناي يتدليان ليشكلان قطعة مستقيمة على رأسي وتسري القشعريرة في ظهري التي تجعل شعري يبدو مثل شعر القنفد.. وتوقف الزمن للحظات وأنا أشعر أن ( إدبح لها ) التي تسبق ( القطة ) لم تكن سوى كلمات ملعونة فعلت بي ما فعلت.. والرجل لايزال ينظر لي فاتسعت عيناي وأنا أنظر إلى الرجل الذي أتسعت عيناه هوَ ايضًا حتى كدنا نصبح متشابهين .. رجل وقطه.. فأنطلقت من أمامه أجري بسرعة تفوق سرعة ( شبشب ) أمي عندما تقذف به التوأمان عند غضبها منهما.. ونزلت اختبئ كالعادة تحت السرير لهذا أخاف من الغرباء لأن بعضهم لا يعرف سوى الغدر.. بعكس عائلتي فمن يقدر أرواح الحيوانات يقدر أرواح البشر، فأبي على سبيل المثال يعمل طبيب وهو ينقذ عشرات البشر كل يوم من هلاك الامراض التي تصيبهم.. وعندما يصيبني المرض يأخذني إلى طبيبي الذي يفحصني بأدواته التي تشبه إلى حد ما أدوات حقيبة أبي التي لا تفارقه عند خروجه من المنزل، حب وإهتمام عائلتي بي يجعلني أسعد قط في العالم وأوفرهم حظًا ولهذا أمتن لهم دائمًا وحلمي إسعادهم ورضاهم ولكن إصراري على إسعادهم يوقعني دائمًا في المشاكل كما حدث مع أخي كريم من قبل وأنا لست الحيوان الوحيد في منزلي ولكن أنا الحيوان الطليق به. فلدينا اسماك صغيرة ملونة في حوض زجاجي كبير أحاول مداعبتهم ولكن غطاء الحوض ثقيل لا أقدر على ازاحته لأداعبهم مثلما تداعبني عائلتي ولكن كل  تعجبي كيف يقدرون على البقاء في

الماء والاستحمام فيه طيلة الليل والنهار فبالنسبة لي هم ابطال خارقون.. لأنني أ رهب الماء، وأهرب دائما كلما رأيت أمي تعد لي حوض استحمامي  بهذا الماء، ولدينا عصفورين في قفص يغنيان بصوت عذب جميل أحب أن أسمعه وأحب أيضًا أن أداعبهم.. ولكن كلما اقتربت منهما يأخذان بالصياح ويختبأن من داخل منزلهم الملحق بقفصهما.. وقد تسببا عدة مرات في أن يغضب أهل منزلي مني ولكن لماذا يخافان مني؟! فأنا أحبهم ولا أريد أكلهم فأنا لا أكل اللحم النيء، كل ما في الأمر إن فضولي يجعلني أحاول البحث في منزلهم لأعرف محتوياته من الداخل، وفي ذات يوم نجحت في فتح باب قفصهم .. وإذا بالعصفورين يخرجا منه مسرعين يطيران ويتخبطان في جدران المنزل، ووقتها عمت الفوضى المنزل بأكمله ،ولكن الحمد لله لم يدركوا إنني كنت سبب كل هذا بل على العكس أصبحت بطلًا عندما أمسكت بالعصفور الذي كان يهرب من عائلتي وهو يتخبط فسقط أمامي على الأرض فقفزت مسرعًا ومسكته بين يداي، وعندما لم أجد المقاومة منه طرحته أرضًا واضعًا يدي عليه واقفًا في شموخ الفارس المنتصر على عدوه بعد المبارزة في النزال، هنا أنا بطل مزيف فعلًا أعترف بذلك.. ولكن بطل حقيقي في عدة مواقف منها إنني احرس منزلنا من أي فأر تسوِّل له نفسه أن يتجرئ على دخوله ليعبث به وليخيف عائلتي، فأنا لا أتركه حتى أقضي عليه أو ينسحب ويهرب من امامي إلى الشارع، وكثيرًا ما أصاب في هذه المعارك وبالخصوص معاركي مع النحل، ففي بعض الأوقات الصيفية أجد النحل يدور حول مصباح شرفتنا المضيء، وأحيانًا يحاول الدخول إلى بيتنا ولكنني لا أنتظره ليعلن الهجوم بل أبدأ أنا محاربته مستخدمًا كل ما أملك من أسلحة وهبني ألله إياها لأهزمه شر هزيمة.. ولكنني أتألم من لدغاتهم وكثيرًا ما يتركون أشواك ذيلهم وقد إستقرت داخل يدي، وعندما يراني إخوتي جريح هذه المعارك ينقلوني في سرعة إلى أبي الذي يستخدم مهارته الخاصة في حرفية لإخراج الشوكة من يدي دون أضرار جانبيه، فهو حريص على الا أتألم عند إخراجها مثل ما أنا حريص على أن لا يتألمون من أي شيء حتى لدغات النحل.. أنا أحزن على تألمهم ومرضهم كثيرًا، وعندما يمرض أحد منهم أكون دائمًا رفيقًا له على فراشه أو أعلى مكتبه أو في أي درج أو خزانة مفتوحه، أتواجد دائمًا في غرفهم لأطمئن عليهم.. ولكن المكان الذي لا أحب الجلوس فيه أو عليه مكان يحتوي على مِرأه، فكلما نظرت لها أجد بداخلها قط غريب ينظر لي أقترب منه فيقترب مني أحاول أن ألمسه فيحاول لمسي ايضًا، ذات مرة فكرت أن أباغته من بعيد وقفزت عليه فقفز هو وصدني بقوة.. كيف يتوقعني هكذا؟!، فبرغم أن مظهره جميل لكني لا أريد أن أرى عدوي هذا ثانيه فهو يُخيفُني لأنني لا أملك مهارة التوقع مثله.. فأثرت على نفسي أن أتجنبه أفضل، ومن الأشياء الذي كنت أفضل تجنبها هي الكلاب، كثيرًا ما حلمت بكلب يطاردني في كل مكان وكنت دائم الهروب منه، أقفز على سور الشرفة يقفز ورائي، أجري منه عبر الشارع فيهرول ورائي كالوحش الكاسر الذي يريد التهامي وإخراج عظامي من بين أنيابه الحادة، أحاول أن أسبقه فيسبقني هو ويقف أمامي فاتح فمه لأخره بإنتظاري.. فأستيقظ من نومي في فزع لا أكاد أصدق إنني نجوت من أنيابه، ولكن في ذات يوم راوضني نفس الحلم فأستيقظت مفزوع، وعندما فتحت عيني وجدت أن ذلك الكلب يقف أمامي وكان ينظر لي وأنا نائم، أحسست إن الحلم لا يزال في رأسي وإنني لازلت نائمًا، ولكن بعد أن استوعبت الأمر أدركت إن صاحبه صديق لأخي كريم، أحضره معه إلى منزلنا وأدركت أيضًا أنه ليس بحلم.. إذا لن أستطيع النجاة عندما أعود من نومي إلى الواقع لأنني بالفعل في الواقع.. وبدون وعي وجدت نفسي تحت السرير كعادتي عند الخوف.. ولكن الفارق هذه المرة أن الكلب تبعني وهو قادر على النزول تحت السرير مثلي، ولقد حاصرني ولم أجد لنفسي مخرج أو مفر فاستسلمت لإرادة القدر فقد خارت قواي وأبت قدماي أن تتحرك قيد إنمله عن مكانها الذي إستقرت به، فأقترب مني وفتح فمه ذو الأنياب الحادة وفجأة لعق قدمي بلسانه عدة مرات، وبدا لي إنه ينظف قدمي مثلما أنظف نفسي، ولم أبدي أي ردة فعل من صدمتي ودهشتي.. فتركني وخرج يلعب ويهز ذيله الصغير في فرح وسرور.. قررت أن أظل في مكاني ولا أفعل شيء سوى إنتظار مغادرته منزلي، ولكنني وجدته يأتي إلي حامل كرتي في فمه وقذفها باتجاهي، وعيناه التي لا أكاد اراها من شعره الأبيض الكثيف الذي يتدلى عليها ويحجبها عن الناظرين ترجوني لكي ألعب معه، فبانشغال صديقه عنه مل هو اللعب وحده وجائني أنا لكي ألعب معه وهو لا يعلم إنه أسوء كوابيسي، ولكن لطفه شجعني على تمرير الكرة له وهكذا بدأت أحداث المباراة بيني وبينه، إلى أن أتى صاحبه وأخذه وهو ينظر لي بحب.. وددت لو كان يبقى أكثر من ذلك، وتسائلت داخلي هل سأراه ثانيه؟، ولكن لا بأس سأحلم به وأراه هناك ولكن هذه المرة لن أخاف منه بعد ذلك.         في ذات يوم وجدت عائلتي مهتمة بشدة بما تعرضه الشاشة الكبيرة المُعلقة على الحائط، مجتمعين سويًا يشاهدون بيوت مهدمة وأرض بها شقوق يستعرضها رجل يلبس على رأسه غطاء معدني لونه أصفر وفي يديه شيء يتكلم به وحوله الكثير من الناس.. والعربات بها مصابيح ملونه تضوي وأصوات ضجيج في كل مكان ..وكان أبي يتحدث إلينا باهتمام بالغ عن الأمر، ورأيت أخي كريم وهو يمسك بهاتفه ويمر به على أمي وأبي ويقول لهم شيء وهم ينظرون لي في دهشة فاقتربت لأشاهد معهم ما يعرض على هذا الجهاز الصغير.. وجدت لقطات الحيوانات المتنوعة كانت تجلس بدون حراك.. وفجأة تجري في زعر وتلتف حول نفسها وهي خائفة كأنها تريد لفت الأنظار الى شيء خطير ، وبعد ذلك يحدث اهتزاز في الصورة ويجري البشر من حولهم مذعورين وفي بعض اللقطات تتهدم منازل ويسقط حطام منها، فلم أعر اهتمام بهذه الصور التي يشاهدونها لأنني لم أكن أفهمها.. ولكنني أدركت الأمر بعد ذلك فكلما أردت اللعب ووثبت أرى ذعر عائلتي وهي تنظر لي.. يترقبوني ويراقبون اي تحرك لي،فعندما أجري يقفون مدهوشين خائفين كأنهم ينتظرون وحش مفترس يريد أن يفتك بهم، وعندما أجلس يهدؤون، دائمًا في حالة ترقب وحذر لما أفعله.. وأصدقكم القول لقد أشفقت عليهم وقررت أن أجلس في مكاني لا أتحرك، ولسان حالي يقول لهم إهدؤوا قليلًا أيها البشر، وكلما أردت الطعام أو قضاء حاجتي اتحرك ببطئ مثل رجل عجوز تؤلمه عظامه لا يقوى على المشي والحركة، وأستمر هذا الحال معي لأيام عديدة إلى ذات يوم وجدت بجوار باب الشقة مرآة كبيرة ..أحضرها أبي عوضًا عن تلك المحطمة في حمامه الخاص، وهي متروكة بشكل مؤقت لحين تركيبها، وفي حين كنت أتحرك ببطئ شديد رأيت ذلك القط داخل المرأة يتحرك مثلي ببطئ، وفهمت الأمر.. نعم إنه يريد أن يتسلل ليدخل إلى منزلي، ولكن هيهات أنا لن أتركه هذه المرة.. وقررت أن أنهره لكي لا يجرؤ على الدخول إلى كل مرأة في المنزل ثانية، فوقفت له كالأسد الجسور المدافع عن عرينه وألعنه بصوت عالٍ.. معلنًا له إن هذا المنزل منزلي أنا ولا أقبل ابدًا أن يحتله أي قط أخر وإني أدافع عنه بكل ما أملك من قوة.. وإني لن أتركه ينعم بمنزلي بعد الأن فأنا أقف له بالمرصاد.. ولن أهد ولن أمل ولن أميل ولن ألين في مواجهته، فإنني ادرك إنه قط خبيث.. وأعي كل مخططاته للسيطرة على منزلي، فإرحل الأن يا ذو الوجه القبيح قبل أن أريك وجهي الأخر فأنت لا تريد أن تجربني وترى غضبي الكامن بداخلي، فإذا أردت مواجهتي أحفر لنفسك قبر قبل أن تلقاني

– إدبح لها القطة؟ نعم هذه الجملة التي كان يقولها ابي للرجل قبل أن أنتبه لهما.. ولكن لماذا يرددها الرجل الأن؟!!  ومابال هذه النظرة الشريرة فأحسست الدماء تتجمد في عروقي وأذناي يتدليان ليشكلان قطعة مستقيمة على رأسي وتسري القشعريرة في ظهري التي تجعل شعري يبدو مثل شعر القنفد.. وتوقف الزمن للحظات وأنا أشعر أن ( إدبح لها ) التي تسبق ( القطة ) لم تكن سوى كلمات ملعونة فعلت بي ما فعلت.. والرجل لايزال ينظر لي فاتسعت عيناي وأنا أنظر إلى الرجل الذي أتسعت عيناه هوَ ايضًا حتى كدنا نصبح متشابهين .. رجل وقطه.. فأنطلقت من أمامه أجري بسرعة تفوق سرعة ( شبشب ) أمي عندما تقذف به التوأمان عند غضبها منهما.. ونزلت اختبئ كالعادة تحت السرير لهذا أخاف من الغرباء لأن بعضهم لا يعرف سوى الغدر.. بعكس عائلتي فمن يقدر أرواح الحيوانات يقدر أرواح البشر، فأبي على سبيل المثال يعمل طبيب وهو ينقذ عشرات البشر كل يوم من هلاك الامراض التي تصيبهم.. وعندما يصيبني المرض يأخذني إلى طبيبي الذي يفحصني بأدواته التي تشبه إلى حد ما أدوات حقيبة أبي التي لا تفارقه عند خروجه من المنزل، حب وإهتمام عائلتي بي يجعلني أسعد قط في العالم وأوفرهم حظًا ولهذا أمتن لهم دائمًا وحلمي إسعادهم ورضاهم ولكن إصراري على إسعادهم يوقعني دائمًا في المشاكل كما حدث مع أخي كريم من قبل وأنا لست الحيوان الوحيد في منزلي ولكن أنا الحيوان الطليق به. فلدينا اسماك صغيرة ملونة في حوض زجاجي كبير أحاول مداعبتهم ولكن غطاء الحوض ثقيل لا أقدر على ازاحته لأداعبهم مثلما تداعبني عائلتي ولكن كل  تعجبي كيف يقدرون على البقاء في
الماء والاستحمام فيه طيلة الليل والنهار فبالنسبة لي هم ابطال خارقون.. لأنني أ رهب الماء، وأهرب دائما كلما رأيت أمي تعد لي حوض استحمامي  بهذا الماء، ولدينا عصفورين في قفص يغنيان بصوت عذب جميل أحب أن أسمعه وأحب أيضًا أن أداعبهم.. ولكن كلما اقتربت منهما يأخذان بالصياح ويختبأن من داخل منزلهم الملحق بقفصهما.. وقد تسببا عدة مرات في أن يغضب أهل منزلي مني ولكن لماذا يخافان مني؟! فأنا أحبهم ولا أريد أكلهم فأنا لا أكل اللحم النيء، كل ما في الأمر إن فضولي يجعلني أحاول البحث في منزلهم لأعرف محتوياته من الداخل، وفي ذات يوم نجحت في فتح باب قفصهم .. وإذا بالعصفورين يخرجا منه مسرعين يطيران ويتخبطان في جدران المنزل، ووقتها عمت الفوضى المنزل بأكمله ،ولكن الحمد لله لم يدركوا إنني كنت سبب كل هذا بل على العكس أصبحت بطلًا عندما أمسكت بالعصفور الذي كان يهرب من عائلتي وهو يتخبط فسقط أمامي على الأرض فقفزت مسرعًا ومسكته بين يداي، وعندما لم أجد المقاومة منه طرحته أرضًا واضعًا يدي عليه واقفًا في شموخ الفارس المنتصر على عدوه بعد المبارزة في النزال، هنا أنا بطل مزيف فعلًا أعترف بذلك.. ولكن بطل حقيقي في عدة مواقف منها إنني احرس منزلنا من أي فأر تسوِّل له نفسه أن يتجرئ على دخوله ليعبث به وليخيف عائلتي، فأنا لا أتركه حتى أقضي عليه أو ينسحب ويهرب من امامي إلى الشارع، وكثيرًا ما أصاب في هذه المعارك وبالخصوص معاركي مع النحل، ففي بعض الأوقات الصيفية أجد النحل يدور حول مصباح شرفتنا المضيء، وأحيانًا يحاول الدخول إلى بيتنا ولكنني لا أنتظره ليعلن الهجوم بل أبدأ أنا محاربته
مستخدمًا كل ما أملك من أسلحة وهبني ألله إياها لأهزمه شر هزيمة.. ولكنني أتألم من لدغاتهم وكثيرًا ما يتركون أشواك ذيلهم وقد إستقرت داخل يدي، وعندما يراني إخوتي جريح هذه المعارك ينقلوني في سرعة إلى أبي الذي يستخدم مهارته الخاصة في حرفية لإخراج الشوكة من يدي دون أضرار جانبيه، فهو حريص على الا أتألم عند إخراجها مثل ما أنا حريص على أن لا يتألمون من أي شيء حتى لدغات النحل.. أنا أحزن على تألمهم ومرضهم كثيرًا، وعندما يمرض أحد منهم أكون دائمًا رفيقًا له على فراشه أو أعلى مكتبه أو في أي درج أو خزانة مفتوحه، أتواجد دائمًا في غرفهم لأطمئن عليهم.. ولكن المكان الذي لا أحب الجلوس فيه أو عليه مكان يحتوي على مِرأه، فكلما نظرت لها أجد بداخلها قط غريب ينظر لي أقترب منه فيقترب مني أحاول أن ألمسه فيحاول لمسي ايضًا، ذات مرة فكرت أن أباغته من بعيد وقفزت عليه فقفز هو وصدني بقوة.. كيف يتوقعني هكذا؟!، فبرغم أن مظهره جميل لكني لا أريد أن أرى عدوي هذا ثانيه فهو يُخيفُني لأنني لا أملك مهارة التوقع مثله.. فأثرت على نفسي أن أتجنبه أفضل، ومن الأشياء الذي كنت أفضل تجنبها هي الكلاب، كثيرًا ما حلمت بكلب يطاردني في كل مكان وكنت دائم الهروب منه، أقفز على سور الشرفة يقفز ورائي، أجري منه عبر الشارع فيهرول ورائي كالوحش الكاسر الذي يريد التهامي وإخراج عظامي من بين أنيابه الحادة، أحاول أن أسبقه فيسبقني هو ويقف أمامي فاتح فمه لأخره بإنتظاري.. فأستيقظ من نومي في فزع لا أكاد أصدق إنني نجوت من أنيابه، ولكن في ذات يوم راوضني نفس الحلم فأستيقظت مفزوع، وعندما فتحت عيني وجدت أن ذلك الكلب يقف أمامي وكان ينظر لي وأنا نائم، أحسست إن الحلم لا يزال في رأسي وإنني لازلت نائمًا، ولكن بعد أن استوعبت الأمر أدركت إن صاحبه صديق لأخي كريم، أحضره معه إلى منزلنا وأدركت أيضًا أنه ليس بحلم.. إذا لن أستطيع النجاة عندما أعود من نومي إلى الواقع لأنني بالفعل في الواقع.. وبدون وعي وجدت نفسي تحت السرير كعادتي عند الخوف.. ولكن الفارق هذه المرة أن الكلب تبعني وهو قادر على النزول تحت السرير مثلي، ولقد حاصرني ولم أجد لنفسي مخرج أو مفر فاستسلمت لإرادة القدر فقد خارت قواي وأبت قدماي أن تتحرك قيد إنمله عن مكانها الذي إستقرت به، فأقترب مني وفتح فمه ذو الأنياب الحادة وفجأة لعق قدمي بلسانه عدة مرات، وبدا لي إنه ينظف قدمي مثلما أنظف نفسي، ولم أبدي أي ردة فعل من صدمتي ودهشتي.. فتركني وخرج يلعب ويهز ذيله الصغير في فرح وسرور.. قررت أن أظل في مكاني ولا أفعل شيء سوى إنتظار مغادرته منزلي، ولكنني وجدته يأتي إلي حامل كرتي في فمه وقذفها باتجاهي، وعيناه التي لا أكاد اراها من شعره الأبيض الكثيف الذي يتدلى عليها ويحجبها عن الناظرين ترجوني لكي ألعب معه، فبانشغال صديقه عنه مل هو اللعب وحده وجائني أنا لكي ألعب معه وهو لا يعلم إنه أسوء كوابيسي، ولكن لطفه شجعني على تمرير الكرة له وهكذا بدأت أحداث المباراة بيني وبينه، إلى أن أتى صاحبه وأخذه وهو ينظر لي بحب.. وددت لو كان يبقى أكثر من ذلك، وتسائلت داخلي هل سأراه ثانيه؟، ولكن لا بأس سأحلم به وأراه هناك ولكن هذه المرة لن أخاف منه بعد ذلك.         في ذات يوم وجدت عائلتي مهتمة بشدة بما تعرضه الشاشة الكبيرة المُعلقة على الحائط، مجتمعين سويًا يشاهدون بيوت مهدمة وأرض بها شقوق يستعرضها رجل يلبس على رأسه غطاء معدني لونه أصفر وفي يديه شيء يتكلم به وحوله الكثير من الناس.. والعربات بها مصابيح ملونه تضوي وأصوات ضجيج في كل مكان ..وكان أبي يتحدث إلينا باهتمام بالغ عن الأمر، ورأيت أخي كريم وهو يمسك بهاتفه ويمر به على أمي وأبي ويقول لهم شيء وهم ينظرون لي في دهشة فاقتربت لأشاهد معهم ما يعرض على هذا الجهاز الصغير.. وجدت لقطات الحيوانات المتنوعة كانت تجلس بدون حراك.. وفجأة تجري في زعر وتلتف حول نفسها وهي خائفة كأنها تريد لفت الأنظار الى شيء خطير ، وبعد ذلك يحدث اهتزاز في الصورة ويجري البشر من حولهم مذعورين وفي بعض اللقطات تتهدم منازل ويسقط حطام منها، فلم أعر اهتمام بهذه الصور التي يشاهدونها لأنني لم أكن أفهمها.. ولكنني أدركت الأمر بعد ذلك فكلما أردت اللعب ووثبت أرى ذعر عائلتي وهي تنظر لي.. يترقبوني ويراقبون اي تحرك لي،فعندما أجري يقفون مدهوشين خائفين كأنهم ينتظرون وحش مفترس يريد أن يفتك بهم، وعندما أجلس يهدؤون، دائمًا في حالة ترقب وحذر لما أفعله.. وأصدقكم القول لقد أشفقت عليهم وقررت أن أجلس في مكاني لا أتحرك، ولسان حالي يقول لهم إهدؤوا قليلًا أيها البشر، وكلما أردت الطعام أو قضاء حاجتي اتحرك ببطئ مثل رجل عجوز تؤلمه عظامه لا يقوى على المشي والحركة، وأستمر هذا الحال معي لأيام عديدة إلى ذات يوم وجدت بجوار باب الشقة مرآة كبيرة ..أحضرها أبي عوضًا عن تلك المحطمة في حمامه الخاص، وهي متروكة بشكل مؤقت لحين تركيبها، وفي حين كنت أتحرك ببطئ شديد رأيت ذلك القط داخل المرأة يتحرك مثلي ببطئ، وفهمت الأمر.. نعم إنه يريد أن يتسلل ليدخل إلى منزلي، ولكن هيهات أنا لن أتركه هذه المرة.. وقررت أن أنهره لكي لا يجرؤ على الدخول إلى كل مرأة في المنزل ثانية، فوقفت له كالأسد الجسور المدافع عن عرينه وألعنه بصوت عالٍ.. معلنًا له إن هذا المنزل منزلي أنا ولا أقبل ابدًا أن يحتله أي قط أخر وإني أدافع عنه بكل ما أملك من قوة.. وإني لن أتركه ينعم بمنزلي بعد الأن فأنا أقف له بالمرصاد.. ولن أهد ولن أمل ولن أميل ولن ألين في مواجهته، فإنني ادرك إنه قط خبيث.. وأعي كل مخططاته للسيطرة على منزلي، فإرحل الأن يا ذو الوجه القبيح قبل أن أريك وجهي الأخر فأنت لا تريد أن تجربني وترى غضبي الكامن بداخلي، فإذا أردت مواجهتي أحفر لنفسك قبر قبل أن تلقاني
تم نسخ الرابط