مارلين مونرو
شخصان يبغضان اسمي الحركي “مارلين”، هشام وصفصف، هشام أجادله، أصرخ عليه، أفعل أي شيء كي لا يناديني باسمي الحقيقي، إلا صفصف لم أستطع التفوه بكلمة مثلما أنا أقف حاليًا أمامها، أدعي البراءة والرقة:
-إزيك يا صفصف، هشام فين؟
-صحي الصبح بدري ومشي على شغله، عايزاه في أيه؟!
ابتسمتُ إليها برفق واقتربت منها وأنا أعطيها المال الذي وضعه هشام بالأمس أمام الباب:
-اديله دول وقوليله مارلين مش محتاجة حاجة منك.
-يعني أنا ابني خيره عليكي ومش عاجبك، صحيح يابت انتي جبارة، ده انتي المفروض تبوسي إيدك وش وضهر إن أنا وابني بنعاملك كويس وبنقف جنبك….
أشرتُ إليها لأغلق المذياع الذي فُتح لديها، فلم يعد لديّ طاقة لاستقبال شحنات سلبية اليوم، يكفيني ما سألقاه عندما أقابل أم فتحي، فقلتُ لها بابتسامة مهذبة تحمل سخرية مبطنة لا أجرؤ على الإفصاح عنها:
-أنا ناكرة الجميل ماتزعليش نفسك يا حبيبتي، وماتقفيش جنبي تاني انتي وابنك، سلام.
نجحتُ في الهرب منها ومن شتائمها التي وصلت إليّ حتى وأنا أسفل المنزل، استعددتُ لمقابلة أم فتحي، التي وجدتها تجلس تنتظرني لتستفزني، لكنني تجاهلت حديثها عن عمد، وأكملتُ سيري برأس مرفوع متعالٍ، متمنية أن أسبب الجلطة لهم جميعًا.
استقللتُ وسيلة مواصلات عامة لأذهب إلى عملي، فقد بقي معي القليل من المال، وصلتني رسالة، ففتحتُ “فيسبوك”، وجدتها من أحد الأشخاص الذي يموت فضولًا للتعرف عليّ:
“ده أنتي بجد، ولا أنتي مركبة صورتك على واحدة مزة”
أصابني الاستياء من طريقته في معرفة إن كانت صورتي حقيقية، فهمستُ بقهر:
-مزة!!
وبضغطة زر واحدة، فعلتُ خاصية الحظر، ثم تنهدتُ بعمق وأنا أنظر إلى الطريق بشرود، متمنية اللحظة التي سأُرزق فيها برجل وسيم أتقبل ملامحه عن رضا، يكون ميسور الحال، وحيدًا بلا عائلة تتدخل في حياتي، وطباعه
***
أسبوعٌ كاملٌ أنهكتُ نفسي فيه بالعمل حتى استطعتُ تحقيق الهدف المطلوب مني في عملي، وها هي اللحظة المنتظرة قد حانت، حيث سأخبر مديري بقراري بترك العمل، لأتفرغ لمشروعي الذي أتوق إلى افتتاحه، ولكن أولًا، عليَّ استلام المحل.
اقتربتُ من مديري، والذي يدعى إسلام، وداخلي أناديه بـ”إسلاووو”، كتمتُ ضحكتي وأنا أناديه بنبرة لبقة:
-مستر إسلام، كنت عايزة حضرتك في حاجة؟
التفت إليَّ بابتسامة مقتضبة، وقال:
-خير يا مارلين عايزة أيه؟
-أنا كنت عايزة ابلغ حضرتك إن ده أخر يوم ليا النهاردة.
-نـــعــــــم؟!
تحول كليًا من الشخصية الجادة اللبقة إلى أخرى سليطة اللسان، وبدت تعابير وجهه وقحة إلى حد كبير.
-هو أيه اللي نعم يا مستر إسلام، أنا الحقيقي عندي التزامات تانية ومش هقدر أكمل مع حضرتك.
-تكملي غصب عنك يا سكر، أنتي ماينفعش تسيبني كده فجأة، لازم تبلغيني قبلها بشهرين، لغاية ما أشوف حد يكمل مكانك.
نظرتُ حولي وعددتُ عدد العاملين غيري في هذا المحل الكبير، فكانوا أربعة غيري، إذن ما الضرر الذي سيلحق به إن تركتُ العمل فجأة؟
-ما المكان مليان ناس كتير يشتغلوا هي هتقف عليا أنا في أيه؟
-بقولك أيه، ده شغلي مش شغلك يا مارلين، وده اللي عندي.
أنا أفهم تمامًا أنه يستغلني كواجهة حسنة لاستقبال الزبائن، وأحيانًا أروج له على وسائل التواصل الاجتماعي مقابل أجر، بل إن بعض الزبائن يأتون لشراء العطور بسببي فقط! ومع ذلك، يريد استغلالي أكثر، ولكن يكفي فمشروعي أولى وأحق بهذا الجهد.
عقدتُ ذراعي أمامي وقلتُ بعبوس:
-وأنا مُصرة على طلبي!
-يبقى مالكيش حاجة عندي.
قالها سريعًا بغل، وهو ينظر إليَّ بنظرة استفزازية، يريد الاستيلاء على راتبي بالكامل، والذي يبلغ أربعة آلاف جنيه!
-يعني أيه ماليش حاجة عندك، دول أربعة ألاف جنية يا مستر، يعني عادي عندك تاكل عليا حقي.
عبرتُ عن غضبي بنبرة مرتفعة جذبت أنظار من حولي، فوجدته يقول بصرامة:
-وطي صوتك، كشفتي عن وشك التاني، عاملة نفسك هاي كلاس وانتي في الأصل بيئة.
استفزني كلامه، وأنا سريعة الغضب، فضربتُ بيدي فوق الطاولة الزجاجية، وقلتُ بغيظ:
-ولو مدتنيش حقي، هوريك البيئة دي هتعمل فيك أيه!
نظر حوله، ثم أشار إلى إحدى الفتيات العاملات، والتي كانت تكن لي كرهًا شديدًا لأنني أجمل منها وأحظى بمكانة أكبر في العمل:
-روحي فورًا ناديلي الأمن، يجي يطرد الزبالة دي من هنا!!
ركضتْ سريعًا، فوقفتُ مكاني بصدمة، لم أستفق منها حتى جاء بعض أفراد الأمن، وجذبوني كأنني نكرة، وأخرجوني من المول وسط صياحي وصراخي، ثم ألقت الحقيرة حقيبتي وأشيائي في وجهي قائلةً بسعادة فجة:
-مستر إسلام بيقولك مالكيش حاجة عندنا يا بيئة.
ركضتُ بأقصى سرعة لأضربها، إلا أن الأمن منعني، فوقفتُ عاجزةً، مقهورةً، غاضبةً، حتى لاح في ذهني منقذي الأول والأخير “هشام”، فرفعتُ هاتفي واتصلتُ به، وأنا أبكي:
-هشام، انت فاضي؟
سمعته يردُ بلهفةٍ أعرفها جيدًا عندما أقع في مشكلة:
-مالك يا نور، بتعيطي ليه؟
مسحتُ دموعي، وقلتُ بضعفٍ أظهره فقط عندما أحادثه:
-لو فاضي تعالى يا هشام محتاجك.
طلبتُ منه ذلك بضعف، فجاء إليَّ بعد عدة دقائق، لم أعرف كم استغرق حتى وصل، لكنه هبط من سيارته ذات الموديل القديم، وما إن اقترب مني، حتى قال بقلق:
شخصان يبغضان اسمي الحركي “مارلين”، هشام وصفصف، هشام أجادله، أصرخ عليه، أفعل أي شيء كي لا يناديني باسمي الحقيقي، إلا صفصف لم أستطع التفوه بكلمة مثلما أنا أقف حاليًا أمامها، أدعي البراءة والرقة: -إزيك يا صفصف، هشام فين؟ -صحي الصبح بدري ومشي على شغله، عايزاه في أيه؟! ابتسمتُ إليها برفق واقتربت منها وأنا أعطيها المال الذي وضعه هشام بالأمس أمام الباب: -اديله دول وقوليله مارلين مش محتاجة حاجة منك. -يعني أنا ابني خيره عليكي ومش عاجبك، صحيح يابت انتي جبارة، ده انتي المفروض تبوسي إيدك وش وضهر إن أنا وابني بنعاملك كويس وبنقف جنبك…. أشرتُ إليها لأغلق المذياع الذي فُتح لديها، فلم يعد لديّ طاقة لاستقبال شحنات سلبية اليوم، يكفيني ما سألقاه عندما أقابل أم فتحي، فقلتُ لها بابتسامة مهذبة تحمل سخرية مبطنة لا أجرؤ على الإفصاح عنها: -أنا ناكرة الجميل ماتزعليش نفسك يا حبيبتي، وماتقفيش جنبي تاني انتي وابنك، سلام. نجحتُ في الهرب منها ومن شتائمها التي وصلت إليّ حتى وأنا أسفل المنزل، استعددتُ لمقابلة أم فتحي، التي وجدتها تجلس تنتظرني لتستفزني، لكنني تجاهلت حديثها عن عمد، وأكملتُ سيري برأس مرفوع متعالٍ، متمنية أن أسبب الجلطة لهم جميعًا. استقللتُ وسيلة مواصلات عامة لأذهب إلى عملي، فقد بقي معي القليل من المال، وصلتني رسالة، ففتحتُ “فيسبوك”، وجدتها من أحد الأشخاص الذي يموت فضولًا للتعرف عليّ: “ده أنتي بجد، ولا أنتي مركبة صورتك على واحدة مزة” أصابني الاستياء من طريقته في معرفة إن كانت صورتي حقيقية، فهمستُ بقهر: -مزة!! وبضغطة زر واحدة، فعلتُ خاصية الحظر، ثم تنهدتُ بعمق وأنا أنظر إلى الطريق بشرود، متمنية اللحظة التي سأُرزق فيها برجل وسيم أتقبل ملامحه عن رضا، يكون ميسور الحال، وحيدًا بلا عائلة تتدخل في حياتي، وطباعه