مارلين مونرو
-قصدي غلطتوا مع بعض، وهو عشمك بالجواز مثلاً…
-مين اللي بتتكلم معاها دي يا راجل؟
كان ذلك صوت والدة رامز، وما إن رأتني حتى نظرت إليّ باستنكار:
-هو أنتي؟! جاية ليه ياختي؟!
-أنا جاية عشان ابنك لهف مني ٧٠ الف جنية وضحك عليا، بس والله ما هسيبه وهجيبه من قفاه، وبعدين…
ثم أكملتُ حديثي وأنا أنظر إلى والده بتهكم:
-أنا يوم ما ابص لحد مش هبص لابنك، اللي ميسواش حاجة.
تركتُ كلماتي، وأنا على يقين بأنها ستترك بصمتها في نفوسهم وستصل إلى رامز المختفي، وكما توقعت، سمعتُ صوت صياح والدته وهي تمطرني بالشتائم، لكنني لم ألتفت إليها، يكفيني ما أشعر به الآن.
مساءً.
****
جلستُ كالطفلة أتلقى توبيخ هشام وصياحه وأنا صامتة، فسمعته يقول:
-إزاي واحدة متعلمة زيك تعمل كده؟ إزاي؟
التقطتُ منديلًا ورقيًا آخر من الصندوق الخشبي وأنا أجفف دموعي التي لا تتوقف:
-ماعرفش يا هشام ماعرفش، أنا وثقت فيه، كنت بعتبره اخويا، طيب هو راح فين بس؟
لم أشعر بيدي وهي تلتقط منديلًا آخر حتى أوقفتني صفصف، متمتمةً بضيق:
-براحة يا حبيبتي على نفسك، انتي حاطة همك في علبة المناديل!
-سيبيني في احزاني دلوقتي يا صفصف!
قلتها وأنا أشعر بخيبة أمل كبيرة، فقالت لي بحنق:
-والمناديل ذنبها أيه يا حبيبتي، ده كان عرض وعايزاه يكفيني لغاية آخر الشهر.
-انتوا بتقولوا أيه؟ بتتكلموا في مناديل، والهانم في واحد ضحك عليها في سبعين ألف جنية.
بكيتُ وأنا أردد:
-جنية ينطح جنية، من عرقي وتعبي، دخلت في جمعيات واستحملت كلام يسم البدن وفي الآخر طاروا وأنا ضيعت.
ضيقت صفصف عينيها بتفكير، ثم قالت بحماس:
-بقولك يا واد يا هشام أخد ستات الحارة واطلع على ام رامز نرنها العلقة التمام لغاية ما تقر وتعترف بمكان ابنها!
-اتفضلي يا ست نور أهي أمي هتلبسنا قضية من الهوا!!
-مارلين!!!
تفوهتُ
-أنجلينا جولي، كده يعجب!! وبعدين يا أمي ابوس ايدك ماتفكريش في أي حاجة وسبوني اتصرف.
كتمتُ اعتراضي وأنا أنظر إليه بضيق من معاملته الجافة والقاسية لي، إذ لم يُراعِ أنني أحتاج إلى احتواء افتقدته كثيرًا لتجاوز محنتي!
لملمتُ بقايا كرامتي المبعثرة وقلتُ بإرهاق طال عقلي المكلوم:
-أنا نازلة اريح شوية.
-روحي يا حبيبتي خبيتك تقيلة الله يكون في عونك.
التفتُّ إليها وأنا أنظر إليها بحنق وسخط من تهكمها، فوجدتها تُبدي تعاطفها معي، فكتمتُ اعتراضي للمرة الألف، لكنها عادت تقول:
-عارفة يا بت يا نور ربنا هيرضى عنك لما تعترفي باسمك، يا بت هو في حد ينكر ذاته، ويتلزق في ناس ملهاش لزمة، قال مارلين قال، ده حتى اسم يجيب النحس والهم.
دعوني أخبركم بإحدى صفاتي، أنا ضعيفة أمام صفصف، لا أملك شخصية معها، وأخشى مواجهتها، لذا تعودتُ أن أكتم سخطي داخلي وأُظهر شيئًا آخر!
***
هبطتُ الدرج ودموعي لا تزال تترك آثارها على وجهي، وعقلي منشغل بإيجاد حل لمصيبتي، لكن المصيبة الكبرى تجسدت أمامي حين رأيتُ رامز يقف أمام باب شقتي يشكر أحد الرجال على تركيب قفل جديد، هبطتُ باقي درجات السلم وصحتُ فيه مستنكرة:
-انت بتعمل أيه؟!
وما إن التفت إليّ حتى شننتُ عليه هجومًا شرسًا، أمسكتُ بتلابيب قميصه وصحتُ عاليًا:
-فلوسي يا حرامي؟ وديتها فين؟ وبعدين….
توقفتُ لحظة، أحاول استيعاب كيف له أن يكسر قفل شقتي بكل أريحية، فهتفتُ بعدم فهم:
-انت بتعمل أيه هنا، وإزاي تكسر القفل بتاع الشقة وإيه القفل ده!!
-ده القفل الجديد بتاع شقتي يا مارلين مونرو زمانك.
أجابني ببرود، وهو يلفظ حروف حديثه بإيقاع موسيقي متراقص:
-قفل أيه؟ وشقة أيه؟ انت اتجننت!
-ده الجنان الرسمي هيبدأ حالاً.
هبطت ذراعي بجانبي في صدمة لم أقدر على تخطيها، بينما غادر العامل بعد أن أخذ أجرته، انتقلتُ ببصري بين الباب وبين رامز الوقح.
-أنت عملت أيه؟
-عملت اللي كان لازم اعمله من زمان، دي كانت قرصة ودن عشان تتربي وتتعلمي الأدب مع أسيادك.
عقبتُ باستهجان ناري:
-أسيادي!!
هز رأسه إيجابًا، ثم استرسل بقوة وغل:
-امال انتي فاكراني رامز الدلدول اللي بيجري وراكي في كل حتة، كنتي مبسوطة والمنطقة كلها بتتكلم عليا إن أنا الكلب بتاعك اللي بنفذلك طلباتك وبقضيلك مشواريك المهمة، بس الكلب لما حب يعض عضك انتي الاول.
هبطت دموعي باندهاش من تلك الترهات، وقلتُ بصدق:
-عمري ما اعتبرتك كده، أنا كنت بعتبرك أخ ليا، انا وثقت فيك عشان مواقفك معايا وجدعنتك.
-وكنتي بتسكتي ليه لما كانوا بيقولوا عليا الكلب بتاعك، كنتي بتبقى مبسوطة، عشان تفضلي مارلين اللي مفيش زيك ولا بعدك!
-قصدي غلطتوا مع بعض، وهو عشمك بالجواز مثلاً… -مين اللي بتتكلم معاها دي يا راجل؟ كان ذلك صوت والدة رامز، وما إن رأتني حتى نظرت إليّ باستنكار: -هو أنتي؟! جاية ليه ياختي؟! -أنا جاية عشان ابنك لهف مني ٧٠ الف جنية وضحك عليا، بس والله ما هسيبه وهجيبه من قفاه، وبعدين… ثم أكملتُ حديثي وأنا أنظر إلى والده بتهكم: -أنا يوم ما ابص لحد مش هبص لابنك، اللي ميسواش حاجة. تركتُ كلماتي، وأنا على يقين بأنها ستترك بصمتها في نفوسهم وستصل إلى رامز المختفي، وكما توقعت، سمعتُ صوت صياح والدته وهي تمطرني بالشتائم، لكنني لم ألتفت إليها، يكفيني ما أشعر به الآن. مساءً. **** جلستُ كالطفلة أتلقى توبيخ هشام وصياحه وأنا صامتة، فسمعته يقول: -إزاي واحدة متعلمة زيك تعمل كده؟ إزاي؟ التقطتُ منديلًا ورقيًا آخر من الصندوق الخشبي وأنا أجفف دموعي التي لا تتوقف: -ماعرفش يا هشام ماعرفش، أنا وثقت فيه، كنت بعتبره اخويا، طيب هو راح فين بس؟ لم أشعر بيدي وهي تلتقط منديلًا آخر حتى أوقفتني صفصف، متمتمةً بضيق: -براحة يا حبيبتي على نفسك، انتي حاطة همك في علبة المناديل! -سيبيني في احزاني دلوقتي يا صفصف! قلتها وأنا أشعر بخيبة أمل كبيرة، فقالت لي بحنق: -والمناديل ذنبها أيه يا حبيبتي، ده كان عرض وعايزاه يكفيني لغاية آخر الشهر. -انتوا بتقولوا أيه؟ بتتكلموا في مناديل، والهانم في واحد ضحك عليها في سبعين ألف جنية. بكيتُ وأنا أردد: -جنية ينطح جنية، من عرقي وتعبي، دخلت في جمعيات واستحملت كلام يسم البدن وفي الآخر طاروا وأنا ضيعت. ضيقت صفصف عينيها بتفكير، ثم قالت بحماس: -بقولك يا واد يا هشام أخد ستات الحارة واطلع على ام رامز نرنها العلقة التمام لغاية ما تقر وتعترف بمكان ابنها! -اتفضلي يا ست نور أهي أمي هتلبسنا قضية من الهوا!! -مارلين!!! تفوهتُ